للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والنهي عن السلام بالإشارة مخصوص بمن قَدَر على اللفظ حِسًّا وشرعًا، وإلا فهي مشروعة لمن يكون في شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام؛ كالمصلي، والبعيد، والأخرس، وكذا السلام على الأصمّ.

ولو أتى بالسلام بغير اللفظ العربيّ، هل يستحق الجواب؟ فيه ثلاثة أقوال للعلماء، ثالثها: يجب لمن يُحسن بالعربية، وقال ابن دقيق العيد: الذي يظهر أن التحية بغير لفظ السلام من باب ترك المستحبّ، وليس بمكروه، إلا إن قصد به العدول عن السلام إلى ما هو أظهر في التعظيم، من أجل أكابر أهل الدنيا. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: جواز السلام بغير اللفظ العربيّ لمن يحسن العربيّة محلّ نظر؛ لأن اللفظ العربيّ متعبَّد به في ألفاظ الأذكار، والأذان، ونحوها، فلا يُعدل عنه، فليُتنبّه، والله تعالى أعلم.

(المسألة التاسعة): يجب الردّ على الفور، فلو أخّر، ثم استدرك فردّ لم يُعَدّ جوابًا، وكان آثمًا بترك الردّ (٢)، قاله القاضي حسين، وجماعة، وكأن محله إذا لم يكن عذر.

ويجب أيضًا ردّ جواب السلام في الكتاب، ومع الرسول، ولو سلم الصبيّ على بالغ وجب عليه الردّ، ولو سلَّم على جماعة فيهم صبيّ، فأجاب أجزأ عنهم في وجه، قاله في "الفتح" (٣)، والله تعالى أعلم.

(المسألة العاشرة): قال النوويّ رحمه الله في "الأذكار": وأقل السَّلام الذي يصير به مؤذّيًا سنّة السلام أن يرفع صوته بحيث يُسمع المسلَّم عليه، فإن لم يُسْمعه لم يكن آتيًا بالسلام، فلا يجب الردّ عليه، وأقل ما يسقط به فرضُ ردّ السلام أن يرفع صوتَه بحيث يسمعه المسلِّم، فإن لم يسمعه لم يسقط عنه فرض الردّ، ذكرهما المتولي وغيره.

قال النوويّ رحمه الله: والمستحبّ أن يرفع صوته رفعًا يسمعه به المسلَّم


(١) "الفتح" ١٤/ ١٤٤ - ١٤٦، كتاب "الاستئذان" رقم (٦٢٣٠).
(٢) راجع: "الأذكار" للنوويّ ص ٢١٠.
(٣) "الفتح" ١٤/ ١٤٤ - ١٤٦، كتاب "الاستئذان" رقم (٦٢٣٠).