عليه، أو عليهم سماعًا محققًا، وإذا تشكك في أنه يُسمعهم زاد في رفعه، واحتاط واستظهر، أما إذا سلَّم على أيقاظ عندهم نيام، فالسنّة أن يخفضَ صوتَه بحيث يَحصل سماعُ الأيقاظ، ولا يستيقظ النيام.
ففي "صحيح مسلم"، في حديث المقداد - رضي الله عنه - الطويل، قال: كنّا نرفع للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - نَصيبه من اللبن، فيجيء من الليل فيسلّم تسليمًا لا يُوقظ نائمًا، ويُسمِع اليقظانَ، وجعل لا يجيئني النوم، وأما صاحباي فناما، فجاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فسلَّم كما كان يُسلِّم، والله أعلم (١).
(المسألة الحادية عشرة): وَرَدَ في فضل السلام، وإفشائه أحاديث كثيرة، فمنها: ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"خَلَقَ اللهُ عز وجل آدَمَ على صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ قال: اذْهَبْ فَسَلِّمْ على أُولَئِكَ، نَفَرٍ مِنَ المَلائِكَةِ جُلُوسٍ، فاسْتَمِعْ ما يُحَيُّونَكَ، فإنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرّيَّتِكَ، فقال: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، فَقالُوا: السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهُ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللهِ".
وأخرجا أيضًا عن البراء بن عازب - رضي الله عنهما- قال: أمرنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع: بعيادةِ المريض، واتِّباعِ الجنائز، وتشميتِ العاطسِ، ونصرِ الضعيفِ، وعوْنِ المظلومِ، وإفشاءِ السَّلامِ، وإبرارِ القَسَم. هذا لفظ إحدى روايات البخاريّ.
وأخرج مسلم، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حتَّى تحابُّوا، أوْلا أدُلُّكُمْ على شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ".
وأخرج الدارميّ، والترمذيّ، وابن ماجه، وغيرهم بالأسانيد الجيدة، عن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"يا أيُّهَا النَّاسُ أفْشُوا السَّلامَ، وأطْعِمُوا الطَّعامَ، وَصِلُوا الأرْحامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلامٍ"، قال الترمذيّ: حديث صحيح، وقال الحافظ: حديث حسن.
وأخرج ابن ماجه، وابن السنيّ بإسناد جيّد، عن أبي أُمامةَ - رضي الله عنه - قال: أمَرَنَا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - أن نُفشيَ السَّلامَ.