العدل في القسمة، قال تعالى:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} الآية [الأنبياء: ٤٧].
وقال الفيّوميّ: وقَسَطَ يَقسِطُ قَسْطًا، بفتح القاف، من باب ضرب، وقُسُوطًا: فهو قاسط: إذا جار، وعدل، فهو من الأضداد، قاله ابن القطّاع (١)، فمن المعنى الأول قوله تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (١٥)} [الجن: ١٥]، ومن المعنى الثاني، قوله:{قَائِمًا بِالْقِسْطِ}[آل عمران: ١٨] الآية.
وقال في "الفتح": معنى قوله: "حَكَمًا": أنه يَنزل حاكمًا بهذه الشريعة، فإن هذه الشريعة باقيةٌ لا تُنسخ، بل يكون عيسى حاكمًا من حُكّام هذه الأمة. انتهى.
وفي أحمد في "مسنده" من وجه آخر، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "أقرؤوه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السلامَ"، وعنده من حديث عائشة - رضي الله عنها -: "ويمكث عيسى في الأرض أربعين سنةً"، وللطبراني من حديث عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه -: "ينزل عيسى ابن مريم مُصَدِّقًا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - على ملته"(٢).
(فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ) بنصب "يكسرَ" عطفًا على "يَنْزِلَ"، ويحتمل الرفع على الاستئناف، أي: فهو يكسر الصليب؛ أي: يُبطل أمره، ويُسقط حكمه، كما يقال: كَسَرَ حجته (٣)، وقال النوويّ رحمه الله: معناه: يكسره حقيقةً، ويبطل ما يزعمه النصارى من تعظيمه. انتهى.
قال القاضي عياضٌ رحمه الله: فيه دليلٌ على تغيير آلات الباطل وكسرها، ودليلٌ على تغيير ما نسبته النصارى إلى شرعهم، وترك إقرارهم على شيء منه، وأنه يأتي ملتزمًا لشريعتنا. انتهى (٤).
(وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ) بالنصب أيضًا؛ ويحتمل الرفع، كما مرّ آنفًا، قال الفيّوميّ رحمه الله: هو: فِنْعِيلٌ، حيوانٌ خبيثٌ، ويقال: إنه حُرّم على لسان كلّ نبيّ، والجمع خنازير. انتهى (٥).