على الكفاية، فإن الأمر بتشميت العاطس، وإن وَرَد في عموم المكلَّفين، ففرض الكفاية يخاطَب به الجميع على الأصح، ويسقط بفعل البعض، وأما من قال: إنه فرض على مبهم، فإنه ينافي كونه فرض عين. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: ترجيح القول الثاني القائل: إنه فرض كفاية لا يخفى ما فيه، فإنه ورد بصريح كونه فرض عين، فقد أخرجه البخاريّ في "صحيحه" بلفظ: "فإذا عطس، فحَمِد الله، فحقٌّ على كل مسلم سمعه أن يشمِّته"، فهل بعد هذا النصّ الصريح يقال: إنه فرض كفاية؟ إن هذا لغريبٌ.
وبالجملة فقد استوفيت البحث فيه في شرح حديث البراء - رضي الله عنه - الماضي، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.
(وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ) وفي بعض النسخ: "وإجابة الداعي"؛ أي: إجابة دعوة الداعي إذا دعا، وظاهره عموم وجوب الإجابة لكلّ دعوة، عُرْسًا كان أو غيره، وبه يقول ابن عمر - رضي الله عنهما -، وهو الحقّ، وقد تقدّم البحث فيه مستوفًى، في "كتاب النكاح"، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.
(وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ) -بكسر العين المهملة، وتخفيف التحتانيّة-: مصدر عاده، يقال: عُدتُ المريضَ عِيَادةً: إذا زُرتُهُ، فالرجل عائد، وجمعه عُوّاد، والمرأة عائدةٌ، وجمعها عُوَّد بغير ألف، قال الأزهريّ: هكذا كلام العرب، قاله في "المصباح".
(وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ") قال ابن دقيق العيد -رحمه الله-: "اتباع الجنائز يَحْتَمِل أن يراد به اتّباعها للصلاة، فإن عبّر به عن الصلاة، فذلك فَرْضٌ من فروض الكفاية عند الجمهور، ويكون التعبير بالاتّباع عن الصلاة من باب مجاز الملازمة في الغالب؛ لأنه ليس من الغالب أن يصلى على الميت، ويدفن في محلّ موته.
وَيحْتَمِل أن يراد بالاتّباع: الرواح إلى محلّ الدفن لمواراته، والمواراة أيضًا من فروض الكفايات، لا تسقط إلا بمن تتأدى به. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الاحتمال الثاني هو الأقرب؛ لأنه حقيقة، فالحمل عليه أَولى، كما أشار إلى ذلك الصنعانيّ رحمه الله في "حاشيته".