جبريل يَقرأ عليك السلام"، قالت: قلت: وعليه السلام ورحمة الله، ترى ما لا نرى، تريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فقد استدلّ البخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ - بهذين الحديثين على مشروعيّة سلام الرجال على النساء، والنساء على الرجال، وهو استدلال واضح.
وقال في "الفتح": أشار البخاريّ بالترجمة المذكورة إلى ردّ ما أخرجه عبد الرزاق، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير: بلغني أنه يُكْرَه أن يسلّم الرجال على النساء، والنساء على الرجال، وهو مقطوع، أو معضل، قال: والمراد بجوازه أن يكون عند أَمْن الفتنة.
قال: وذكر في الباب حديثين يؤخذ الجواز منهما، وورد فيه حديث ليس على شرطه، وهو حديث أسماء بنت يزيد: "مَرَّ علينا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في نسوة، فسلّم علينا"، حسّنه الترمذيّ، وليس على شرط البخاريّ، فاكتفى بما هو على شَرْطه، وله شاهد من حديث جابر، عند أحمد.
وقال الحليميّ: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - للعصمة مأمونًا من الفتنة، فمن وَثِق من نفسه بالسلامة، فليسلّم، وإلا فالصمت أسلم.
وأخرج أبو نعيم في "عمل يوم وليلة" من حديث واثلة مرفوعًا: "يسلّم الرجال على النساء، ولا يسلّم النساء على الرجال"، وسنده وَاهٍ.
ومن حديث عمرو بن حريث مثله، موقوفًا عليه، وسنده جيّد.
وثبت في "الصحيحين" حديث أم هانئ: أتيت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو يغتسل، فسلّمت عليه. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: قد اتّضح بما ذُكر من الأدلّة أن ما ذهب إليه البخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ - من جواز تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال مطلقًا هو الحقّ؛ لوضوح حجته، واستنارة محجّته، والله تعالى أعلم.
وقال النوويّ: وأما النساء فإن كنّ جميعًا سَلّم عليهنّ، وإن كانت واحدة سلّم عليها النساء، وزوجها، وسيدها، ومَحْرمها، سواء كانت جميلة، أو غيرها، وأما الأجنبيّ، فإن كانت عجوزًا لا تشتهى، استُحِبّ له السلام عليها،