للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٣ - (ومنها): أن الناس سيتقرّبون إلى الله تعالى، ويتوجّهون إلى عبادته، ويحرصون عليها، حتى تكون السجدة الواحدة أحبّ إليهم من الدنيا وما فيها.

١٤ - (ومنها): أن العداوة، والبغضاء، والشحناء، والتحاسد ستزول؛ لاشتغال الناس بأمر الآخرة، وإعراضهم عن شهوات الدنيا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في بيان اختلاف النحاة في إعراب قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليُوشكنّ أن يَنْزِل فيكم ابن مريم عليه السلام":

(اعلم): أنه اختلاف في هذا الإعراب على قولين:

وحاصل المسألة أن "أوشك" تُستعمل ناقصةً، وتامّةً، ومثلها "عسى"، و"اخلولق"، فأما كونها ناقصةً، "فكقولك": أوشك زيد أن يقوم؛ فـ"زيد" اسمها، و"أن يقوم" خبرها، وأما التامّة، فهي المسندة إلى "أَنْ" والفعل، نحو: أوشك أن يقوم؛ فـ"أن يقوم" في تأويل المصدر فاعل "أوشك"، وإلى هذا أشار ابن مالك رحمه اللهُ في "الخلاصة" بقوله:

بَعْدَ "عَسَى" "اخْلَوْلَقَ" "أَوْشَكْ" قَدْ يَرِدْ … غِنًى بِـ"أَنْ يَفْعَلَ" عَنْ ثَانٍ فُقِدْ

هذا إذا لم يَلِ الفعلَ الذي بعد "أن" اسمٌ ظاهرٌ يصحّ رفعه به، فإن وَليَهُ، كهذا الحديث، وكقولك: عسى أن يقوم زيد؛ فذهب الأستاذ أبو عليّ الشلوبين إلى أنه يجب أن يكون الظاهر مرفوعًا بالفعل الذي بعد "أن"، فـ"أن" وما بعدها فاعل لـ"أوشك"، وهي تامّة، ولا خبر لها، وذهب المبرِّد، والسِّيرافيّ، والفارسيّ إلى تجويز ما ذكره الشلُوبينُ، وتجويز وجه آخر، وهو أن يكون ما بعد الفعل الذي بعد "أن" مرفوعًا بـ"أوشك"، اسمًا لها، و"أن" والفحل في موضع نصبٍ بـ"أوشك"، وتقدَّم على الاسم، والفعلُ الذي بعد "أن" فاعله ضمير يعود على فاعل "أوشك"، وجاز عوده عليه، وإن تأخّر؛ لأنه مقدّمٌ رتبةً.

وتظهر فائدة هذا الخلاف في التثنية، والجمع، والتأنيث، فتقول على مذهب غير الشلُوبين: عسى أن يقوما الزيدان، وعسى أن يقوموا الزيدون، وعسى أن يقمن الهندات، فتأتي بضميرٍ في الفعل؛ لأن الظاهر ليس مرفوعًا به، بل هو مرفوعٌ بـ"عسى".