للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخلوة بالنهار تَنْدُر، فخرج النهي على المتيسَّر غالبًا. انتهى (١).

(إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَاكِحًا، أَو ذَا مَحْرَمٍ") قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هكذا هو في نُسخ بلادنا: "إلا أن يكون" بالياء المثناة من تحتُ؛ أي: يكون الداخل زوجًا، أو ذا محرم، وذكره القاضي، فقال: "إلا أن تكون ناكحًا، أو ذات محرم" بالتاء المثناة فوقُ، وقال: "ذات" بدل "ذا قال: والمراد بالناكح: المرأة المزوَّجة، وزوجها حاضر، فيكون مبيت الغريب في بيتها بحضرة زوجها، قال النوويّ: وهذه الرواية التي اقتصر عليها، والتفسير غريبان، مردودان، والصواب الرواية الأولى التي ذكرتها عن نُسخ بلادنا، ومعناه: لا يبيتنَّ رجل عند امرأة إلا زوجها، أو محرم لها. انتهى.

وقوله: (أَو ذَا مَحْرَمٍ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هو كلُّ من حَرُم عليه نكاحها على التأبيد؛ لسبب مباح؛ لحرمتها.

فقولنا: "على التأبيد" احتراز من أخت امرأته، وعمتها، وخالتها، ونحوهنّ، ومن بنتها قبل الدخول بالأم.

وقولنا: "لسبب مباح" احتراز من أم الموطوءة بشبهة، وبنتها، فإنه حرام على التأبيد، لكن لا لسبب مباح، فإن وطء الشبهة لا يوصف بأنه مباح، ولا محرَّم، ولا بغيرهما، من أحكام الشرع الخمسة؛ لأنه ليس فعلَ مكلف.

وقولنا: "لحرمتها" احتراز من الملاعِنة، فهي حرام على التأبيد، لا لحرمتها، بل تغليظًا عليهما.

وفي هذا الحديث، والأحاديث بعده تحريم الخلوة بالأجنبية، وإباحة الخلوة بمحارمها، وهذان الأمران مجمع عليهما. انتهى (٢).

وقال الصنعانيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: مفهوم قوله: "لا يبيتن" أنه يجوز له البقاء عند الأجنبية في النهار خلوةً أو غيرها، لكن قوله: في حديث ابن عباس عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "قال لا يخلونّ رجل بامرأة، إلا مع ذي محرم"، أخرجه البخاريّ دلّ على تحريم خلوته بها ليلًا، أو نهارًا، وهو دليل لِمَا دلّ عليه الحديث الذي


(١) "المفهم" ٥/ ٥٠٠.
(٢) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٥٣.