للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال القرطبيّ: وإنَّما أنّث فقال: "بثمان"؛ وهو يريد الأطراف، وواحدها طرف، مذكّر؛ لأنَّ هذا على حدِّ قولهم: هذا الثوب سبع في ثمان، والثمان يراد بها الأشبار، ووجه ذلك أنه يعني به: العُكَن، وهي جمع عُكْنة، وهي الطيّ الذي يكون في جانبي البطن من السِّمن، ويجمع على عُكَن، وأعكان، وتعكَّن البطن: إذا صار ذلك فيه.

يريد المخنَّث: أنَّ هذه المرأة إذا أقبلت كان لها من كل جانب من جوانب بطنها عُكْنتان، وإذا أدبرت كان لها من خلفها ثمان، وأنّث العدد لتأنيث المعدود، وهو: العُكَن: جَمْع عكنة.

وقد روى هذا الحديث الواقديّ، والكلبيّ، وقالا: إن هيتًا المخنَّث، وكان مولى لعبد الله بن أبي أمية المخزوميّ، أخي أم سلمة لأبيها، وأم عبد الله عاتكةُ عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له في بيت أم سلمة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمع: إن افتتحتم الطائف فعليك ببادية ابنة غيلان بن سلمة الثقفيّ؛ فإنها تُقبل بأربع وتُدبر بثمان، مع ثغرٍ كالأقْحُوان، إن جلست تثنَّت، وإن تكلَّمت تغنَّت، بين رجليها كالإناء المكفوء، وهي كما قال قيس بن الخطيم:

تَغْتَرِقُ الطَّرْفَ وهِيَ لاهِيَةٌ … كأنَّما شَفَّ وَجْهَها نَزَفُ

بَيْنَ شُكُولِ النساء خِلْقَتُها … قَصْدًا فَلَا عَبْلَةٌ وَلَا نَصَفُ (١)

تَنَامُ عن كِبْرِ شأنِها فإذا … قامت رُويدًا تكاد تنقصف (٢)

فقال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لقد غلغلت النظر إليها يا عدوَّ الله"، ثم أجلاه عن المدينة إلى الْحِمَى، قال: فلما فُتحت الطائف تزوجها عبد الرحمن بن عوف، فولدت له في قول الكلبيّ، قال: ولم يزل هيت بذلك المكان حتى قُبض النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فلما وُلِّي أبو بكر - رضي الله عنه - كُلِّم فيه، فأبى أن يردَّه، فلما وُلِّي عمر - رضي الله عنه - كُلِّم فيه، فأبى أن يردَّه، ثم كُلِّم فيه بعدُ، وقيل: إنه قد كَبِر وضعُفَ، وضاع، فَأَذن له يدخل كل جمعة، فيسأل، ويرجع إلى مكانه، قال أبو عمر: يقال: بادية - بالياء - وبادنة - بالنون - والصواب بالياء، وهو قول أكثرهم.


(١) وفي "اللسان" في مادّة "قضف": "قَصْدٌ فلا جَبْلة ولا قصف".
(٢) وفي "اللسان": في مادة "كبر": "تنغرف" بدل "تنقصف".