للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: "تغنّت" هو من الغنة، لا من الغناء؛ أي: أنها تتغنَّن في كلامها لِلِيْنها، ورخامة صوتها، يقال: تغنَّن الرجل، وتغنى، مثل: تضنَّن، وتضنَّى. انتهى (١).

(قَالَ: فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "لَا يَدْخُلْ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُمْ") وفي رواية البخاريّ: "لا يدخلنّ هذا عليكم"، وفي رواية الكشميهنيّ: "عليكن"، قال ابن عبد البرّ: إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يدخلن عليكم هذا"، ولم يقل: "عليكنّ؛ لأنه خاطب الرجال أن لا يدخل بيوتهم على نسائهم، فحجبوه، قال: فهكذا رواية مالك وغيره: "عليكم وقد رُوي: "لا يدخلن هذا عليكنّ" مخاطبةً منه لنسائه، والله أعلم. انتهى (٢).

وزاد في آخر رواية الزهريّ عن عروة عن عائشة التالية: "فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: ألا أرى هذا يَعْرِف ما ها هنا، لا يدخلنّ عليكنّ، قالت: فحجبوه"، وزاد أبو يعلى في روايته، من طريق يونس، عن الزهريّ، في آخره: "وأخرجه، فكان بالبيداء يدخل كل يوم جمعة، يستطعم وزاد ابن الكلبيّ في حديثه: "فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: لقد غلغلت النظر إليها يا عدو الله، ثم أجلاه عن المدينة إلى الْحِمَى ووقع في حديث سعد بن أبي وقّاص: "أنه خطب امرأة بمكة، فقال هيت: أنا أنعتها لك، إذا أقبلت قلت: تمشي بستّ، وإذا أدبرت قلت: تمشي بأربع، وكان يدخل على سودة، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: ما أراه إلا منكرًا، فمنعه، ولمّا قَدِم المدينة نفاه".

وفي رواية يزيد بن رُومان المذكورة، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "ما لك قاتلك الله؟ إن كنتُ لأحسبك من غير أولي الإربة من الرجال"، وسيّره إلى خاخ - بمعجمتين -.

قال المهلَّب: إنما حجبه عن الدخول إلى النساء لَمّا سمعه يصف المرأة بهذه الصفة التي تُهَيِّج قلوب الرجال فمنعه، لئلا يَصِف الأزواج للناس، فيسقط معنى الحجاب. انتهى.

وفي سياق الحديث ما يُشعر بأنه حجبه لذاته أيضًا، لقوله: "ألا أرى هذا


(١) "المفهم" ٥/ ٥١٣ - ٥١٥.
(٢) "الاستذكار" ٧/ ٢٨٦.