للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفاحشة خاصّة، وتُنسب إليه، وإنما المخنث شدة التأنيث في الخلقة، حتى يشبه المرأة في اللين، والكلام، والنظر، والنغمة، وفي العقل، والفعل، وسواء كانت فيه عاهة الفاحشة، أم لم تكن، وأصل التخنث: التكسر، واللين، فإذا كان كما وصفنا لك، ولم يكن له في النساء أرب، وكان ضعيف العقل، لا يفطن لأمور الناس، أَبْلَه، فحينئذ يكون من غير أولي الإربة الدين أبيح لهم الدخول على النساء، ألا ترى أن ذلك المخنث لمّا فَهِم من أمور النساء قصة بنت غيلان، نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينئذٍ عن دخوله على النساء، ونفاه إلى الحمى فيما رُوي. انتهى كلام أبي عمر رحمه الله (١).

وقال النوويّ حمه الله: وأما دخول هذا المخنث أوّلا على أمهات المؤمنين، فقد بُيِّن سببه في هذا الحديث بأنهم كانوا يعتقدونه من غير أولي الإربة، وأنه مباح دخوله عليهنّ، فلمّا سُمع منه هذا الكلام عُلم أنه من أولي الإربة، فمَنَعه - صلى الله عليه وسلم - الدخول، ففيه مَنْع المخنث من الدخول على النساء، ومنعهنّ من الظهور عليه، وبيان أن له حكم الرجال الفحول الراغبين في النساء في هذا المعنى، وكذا حكم الخصيّ، والمجبوب ذَكَرُه، والله أعلم. انتهى (٢).

٢ - (ومنها): بيان جواز العقوبة بالنفي عن الوطن لمن يُخاف منه الفساد، والفسق.

٣ - (ومنها): بيان تحريم ذِكر محاسن المرأة المعيَّنة؛ لأنَّ ذلك إِطْلاع الأسماع على عورتها، وتحريك النفوس إلى ما لا يحل منها، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تصف المرأة المرأة لزوجها حتى كأنه ينظر إليها"، فأما ذكر محاسن من لا يُعرف من النساء، فمباحٌ إن لم يدع إلى مفسدةٍ؛ من تهييج النفوس إلى الوقوع في الحرام، أو في المكروه، قاله القرطبيّ رحمه الله (٣).

وقال النوويّ رحمه الله: قال العلماء: وإخراج هذا المخنّث، ونفيه كان لثلاثة معان:


(١) "التمهيد لابن عبد البر" ٢٢/ ٢٧٢ - ٢٧٣.
(٢) "شرح النووي" ١٤/ ١٦٣.
(٣) "المفهم" ٥/ ٥١٥.