أحدها: المعنى المذكور في الحديث أنه كان يُظَنّ أنه من غير أولي الإربة، وكان منهم، ويتكتم بذلك.
والثاني: وصفُه النساء، ومحاسنهن، وعوراتهنّ بحضرة الرجال، وقد نُهِي أن تصف المرأة المرأة لزوجها، فكيف إذا وصفها الرجل للرجال.
والثالث: أنه ظهر له منه أنه كان يَطَّلع من النساء، وأجسامهنّ، وعوراتهنّ على ما لا يَطّلع عليه كثير من النساء، فكيف الرجال، لا سيما على ما جاء في غير مسلم أنه وصفها حتى وصف ما بين رجليها؛ أي: فرجها، وحَوَاليه، والله أعلم. انتهى (١).
٤ - (ومنها): بيان حجب النساء عمن يَفْطَن لمحاسنهنّ.
٥ - (ومنها): أن هذا الحديث أصل في إبعاد من يُستراب به في أمر من الأمور.
٦ - (ومنها): ما قال المهلَّب: وفيه حجة لمن أجاز بيع العين الموصوفة بدون الرؤية؛ لقيام الصفة مقام الرؤية في هذا الحديث.
وتعقبه ابن الْمُنَيِّر بأن من اقتصر في بيع جارية على ما وقع في الحديث من الصفة لم يكف في صحة البيع اتفاقًا، فلا دلالة فيه.
قال الحافظ: إنما أراد المهلَّب أنه يستفاد منه أن الوصف يقوم مقام الرؤية، فإذا استوعب الوصف حتى قام مقام الرؤية المعتبرة أجزأ، هذا مراده، وانتزاعه من الحديث ظاهرٌ. انتهى.
٧ - (ومنها): أنه يدلّ على تعزير من يتشبه بالنساء بالإخراج من البيوت، والنفي إذا تعيّن ذلك طريقًا لردعه، وظاهر الأمر وجوب ذلك، وتشبّه النساء بالرجال، والرجال بالنساء من قاصدٍ مختارٍ حرامٌ اتفاقًا، وقد لُعِن من فعل ذلك، فقد أخرج البخاريّ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال:"لَعَن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء، وقال: أخرجوهم من بيوتكم".
وأخرج أبو داود من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِي بمخنث قد خَضَب يديه ورجليه، فقيل: يا رسول الله إن هذا يتشبه بالنساء، فنفاه إلى