وعبد الرزاق جميعًا عن معمر، عن قتادة؛ {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} قال: هو التابع الذي يتبعك، فيصيب من طعامك، غير أولي الإربة، يقول: لا أرب له، ليس له في النساء حاجة، وعن علقمة قال: هو الأحمق الذي لا يريد النساء، ولا يُرِدْنه، وعن طاوس، وعكرمة مثله، وعن سعيد بن جبير: هو الأحمق الضعيف العقل، وعن عكرمة أيضًا هو العِنِّين، ووكيع عن سفيان، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد قال: هو الذي يريد الطعام، ولا يريد النساء، ليس له هَمّ إلا بطنه، وعن الشعبي أيضًا، وعطاء مثله، وعن الضحاك: هو الأبله، وقال الزهريّ: هو الأحمق الذي لا هِمّة له في النساء، ولا أرب، وقيل: كلُّ من لا حاجة له في النساء، من الأتباع، نحو الشيخ، والْهَرِم، والمجبوب، والطفل، والمعتوه، والعَنِّين.
قال أبو عمر: هذه أقاويل متقاربة المعنى، وتجتمع في أنه لا فهم له، ولا همة ينتبه بها إلى أمر النساء، وبهذه الصفة كان ذلك المخنث عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما سَمِع منه ما سَمِع من وَصْف محاسن النساء أمر بالاحتجاب منه، وقال:"لا يدخلنّ هذا عليكم"، فحجبوه. انتهى كلام أبي عمر رحمه الله (١).
(قَالَ) هكذا النسخ، والظاهر أنه "قالت"؛ لأنه لعائشة - رضي الله عنها -، ويمكن أن يؤوّل بـ "قال الراوي"، وهي عائشة - رضي الله عنها -. (فَدَخَلَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - البيت (يَوْمًا) وقوله: (وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ) جملة حاليّة، أي: والحال أن ذلك المخنّث جالس عند بعض نساء النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهي أم سلمة ركانها، - رضي الله عنها - تقدّم، وقوله:(وَهُوَ يَنْعَتُ امْرَأةً) جملة حاليّة أيضًا، فيكون الأحوال المتداخلة، أو المترادفة؛ أي: والحال أنه يصف امرأة، وهي بادية بنت غيلان، كما تقدّم. (قَالَ) المخنّث في وصفها: (إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بِأَرْبَع)؛ أي: أربع عُكَن، جمع عُكنة، وهي الطيّ في البطن من السمن، (وَإِذَا أدبرَتْ أَدْبَرَتْ بِثَمَانٍ)؛ أي: ثمان عُكَن، قال النوويّ حمه الله: معناه: بأربع عُكَن، وثمان عُكَن؛ أي: إن لها أربع عُكَن تُقْبل بهن من كل ناحية اثنتان، ولكل واحدة طرفان، فإذا أدبرت صارت الأطراف