للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لكونها أشرف الإبل التي هي أنفس الأموال عند العرب، وهو شبيه بمعنى قول الله عز وجل: {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (٤)} [التكوير: ٤].

وقوله: (فَلَا يُسْعَى عَلَيْهَا) بالبناء للمفعول أيضًا: أي: لا يُعْتَنَى بها؛ أي: يتساهل أهلها فيها، ولا يعتنون بها، هذا هو الظاهر.

وقال القاضي عياض، وصاحب "المطالع" - رحمهما الله تعالى -: معنى "لا يُسْعَى عليها"؛ أي: لا تُطْلَب زكاتها؛ إذ لا يوجد مَن يقبلها، قال النوويّ رحمه الله: وهذا تأويل باطلٌ من وجوه كثيرة، تُفْهَم من هذا الحديث وغيره، بل الصواب ما قَدَّمناه، والله تعالى أعلم. انتهى (١).

وقال المظهر: معنى "ولَتُتْرَكنّ القلاص" يعني: لَيَتركنّ عيسى عليه السلام إبل الصدقة، ولا يأمر أحدًا أن يسعى عليها، ويأخذها؛ لأنه لا يجد من يقبلها؛ لاستغناء الناس، والمراد بالسعي العمل. انتهى.

وقال الطيبيّ: ويجوز أن يكون ذلك كناية عن ترك التجارات، والضرب في الأرض لطلب المال، وتحصيل ما يُحتاج إليه؛ لاستغنائهم. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: المعنى الأخير هو الصواب، كما سبق عن النوويّ رحمه الله؛ فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وقوله: (وَلَتَذْهَبَنَّ الشَّحْنَاءُ) هي العداوة، والتشاحن تفاعلٌ منه، قال التوربشتيّ رحمه الله: إنما تذهب الشحناء والتباغض، والتحاسد يومئذ؛ لأن جميع الخلق يكونون على ملّة واحدة، وهي الإسلام، وأعلى أسباب التباغض، وأكثرها هو اختلاف الأديان. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: أي مع زهدهم في الدنيا، وقلّة رغبتهم فيها بسبب قرب الساعة، فإن أكثر العداوة إنما هو التشاحّ في الدنيا، والتنافس فيها، والله تعالى أعلم.

وقوله: (وَالتَّبَاغُضُ) بمعنى العداوة أيضًا.

وقوله: (وَالتَّحَاسُدُ) أي: حسد بعضهم بعضًا، وهو أن يتمنّى زوال نعمة الله عن أخيه المسلم، وهو حرام، وأما الغِبطة، فهي أن يتمنّى مثل حال


(١) "شرح النوويّ" ٢/ ١٩٢.
(٢) "الكاشف" ٢/ ٣٤٨٠.