للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شيء، غير ناضح، وغير فرسه": أما عطف المملوك على المال، فعلى أن المراد بالمال الإبل، أو الأراضي التي تُزْرَع، وهو استعمال معروف للعرب، يُطلقون المال على كلٍّ من ذلك، والمراد بالمملوك على هذا: الرقيقُ من العبيد، والإماء، وقولها: بعد ذلك: "ولا شيء" من عطف العام على الخاصّ، يشمل كلّ ما يُتَمَلَّك، أو يُتَمَوَّل، لكن الظاهر أنها لم تُرِد إدخال ما لا بدّ له منه، من مسكن، وملبس، ومطعم، ورأس مال تجارة، ودلّ سياقها على أن الأرض التي يأتي ذكرها لم تكن مملوكةً للزبير، وإنما كانت إقطاعًا، فهو يملك منفعتها، لا رقبتها، ولذلك لم تستثنها، كما استثنت الفرس، والناضح، وفي استثنائها الناضح والفرس نظر استشكله الداوديّ؛ لأن تزويجها كان بمكة قبل الهجرة، وهاجرت، وهي حامل بعبد الله بن الزبير، والناضح، وهو الجمل الذي يُسقى عليه الماءُ إنما حصل له بسبب الأرض التي أُقْطِعها، قال الداوديّ: ولم يكن له بمكة فرس، ولا ناضح.

والجواب مَنْعُ هذا النفي، وأنه لا مانع أن يكون الفرس والجمل كانا له بمكة قبل أن يهاجر، فقد ثبت أنه كان في يوم بدر على فرس، ولم يكن قبل بدر غزوة حصلت لهم منها غنيمة، والجمل يَحْتَمِل أن يكون كان له بمكة، ولَمّا قَدِم به المدينة، وأُقطِع الأرضَ المذكورةَ أعدّه لسقيها، وكان ينتفع به قبل ذلك في غير السقي، فلا إشكال. انتهى ما في "الفتح" (١)، وهو تحقيقٌ نفيس جدًّا، والله تعالى أعلم.

(قَالَتْ) أسماء (فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ)؛ أي: أطعمه، يقال: عَلَفتُ الدابّة عَلْفًا، من باب ضَرَبَ: أطعمتُهُ الْعَلَفَ، واسم المعلوف عَلَفٌ بفتحتين، والجمع عِلافٌ، مثلُ جبَلٍ وجِبال، وأعلفته بالألف لغة، والْمِعْلف بكسر الميم موضع العلف، والْعَلُوبةُ مثالُ حَلَوبة، ورَكُوبة: ما يُلف من الغنم وغيرها، يُطلق بلفظ واحد على الواحد والجمع (٢). (وَأكفِيهِ مَئُونَتَهُ)؛ أي: قُوته، يقال: مان القومَ:


(١) "الفتح" ١١/ ٦٧٢، كتاب "النكاح" رقم (٥٢٢٤).
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٢٥، و"المعجم الوسيط" ٢/ ٦٢١.