للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليها لو ركبت مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّه - صلى الله عليه وسلم - ليس ممن يُغَار على الحريم لأجله، والله تعالى أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "على أن الزبير لم يكلّفها … إلخ" هذا لا يدلّ عليه قوله، فمن أين له أنه لم يكلّفها؛ وقد كلّفها الشرع بذلك، حيث قال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨] وسيأتي تحقيق القول في هذا في المسألة الرابعة - إن شاء الله تعالى -.

(قَالَتْ) أسماء - رضي الله عنها - (حَتَّى أرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ) - رضي الله عنه - (بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ)؛ أي: جارية تخدمني، وإنما ذكّرت الخادم؛ لأنه يُطلق على الذكر والأنثى، قال الفيّوميُّ رحمه اللهُ: خَدَمَهُ يَخْدِمُهُ ويَخْدُمُهُ - من بابي ضرب، وقَتَلَ - خِدْمَة، فهو خادم غلامًا كان، أو جاريةً، والخَادِمَةُ بالهاء في المؤنث قليل، والجمع: خَدَمٌ، وخُدَّامٌ، وقولهم: فُلانَةٌ خَادِمَةٌ غَداَ ليس بوصف حقيقيّ، والمعنى ستصير كذلك، كما يقال: حائضة غدًا، وأَخْدَمْتُهَا بالألف: أعطيتها خادمًا، وخَدَّمْتُهَا بالتثقيل للمبالغة والتكثير، واسْتَخْدَمْتُهُ: سألته أن يَخْدمني، أو جعلته كذلك. انتهى (٢).

(فَكَفَتْنِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ)؛ أي: القيام بعلفه، وما يحتاج إليه، (فَكَأنَّمَا أَعْتَقَتْنِي)؛ أي: حرّرتني من رقّ سياسة الفرس، ووقع في بعض النسخ بلفظ: "أعتقني" بالتذكير، نظرًا للفظ الخادم، وَيحتمل أن يكون الضمير لأبي بكر - رضي الله عنه -، قال القرطبيّ رحمه اللهُ: قوله: "أعتقتني" رُوي بتاء بعد القاف، ويكون فيه ضمير يعود على الخادمة، وبغير تاء، وضميره يعود إلى أبي بكر - رضي الله عنه -، وصحَّ ذلك؛ لأنها لما استراحت من خدمة الفرس، والقيام عليه بسبب الجارية التي بعث بها إليها أبو بكر - رضي الله عنه - صحَّ أن يُنسب العتق لكل واحد منهما.

قال: وفيه دليلٌ على مكارم أخلاق القوم، فإنَّ أبا بكر - رضي الله عنه - عَلِم ما كانت عليه ابنته من الضرر، والمشقة، ولم يطالب صِهْره بشيء من ذلك، وكان مترقبًا لإزالة ذلك، فلمّا تمكَّن منه أزاله مِن عنده. انتهى (٣).


(١) "المفهم" ٥/ ٥٢٠.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ١٦٥ بزيادة من "القاموس المحيط" ص ٣٥٤.
(٣) "المفهم" ٥/ ٥٢١.