للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: في دعوى القاضي الخصوصيّة نظرٌ، فإن مثل هذا عامّ؛ إذ الراكب ليس وحده، بل معه جماعة، ومثل هذا: السيّارات في الشوارع، فإن ركوب المرأة الأجنبيّة لا بأس به، ولا سيّما إذا كانت في المقعد الخلفيّ، فإن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَر أسماء في هذا الحديث أن تركب خلفه، وقال الإِمام البخاري رحمه اللهُ في "صحيحه": "باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس"، ثم أورد حديث أنس - رضي الله عنه - قال: جاءت امرأة من الأنصار إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فخلا بها، فقال: "والله إنكم لأحبّ الناس إليّ"، فدلّت ترجمة البخاريّ على أن الخلوة المحرمة بالأجنبيّة لم يكن بين الناس، أما إذا كان في وسط الطريق، والناس يمرّون من كلّ جانب، كما هو حال السيّارات، فيجوز أن تركب معه.

وأخرج حديث أنس الإِمام مسلم رحمه الله في "صحيحه"، ولفظه: "عن أنس أن امرأة كان في عقلها شيءٌ، فقالت: يا رسول الله إن لي إليك حاجةً، فقال: "يا أم فلان، انظري أيّ السكك شئت، حتى أقضي لكِ حاجتك؟ "، فخلا معها في بعض الطرق، حتى فرغت من حاجتها. انتهى، والله تعالى أعلم.

٣ - (ومنها): ما قال في "الفتح": فيه جواز ارتداف المرأة خلف الرجل في موكب الرجال، قيل: وليس في الحديث أنها استترت، ولا أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَها بذلك، فيؤخذ منه أن الحجاب إنما هو في حقّ أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خاصّةً. انتهى.

قال الحافظ رحمه اللهُ: والذي يظهر أن القصة كانت قبل نزول الحجاب، ومشروعيته، وقد قالت عائشة - رضي الله عنها -: لَمّا نزلت: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: ٣١] أخذن أُزُرَهُنّ مِن قِبَل الحواشي، فشققنهنّ، فاختمرن بها، ولم تزل عادة النساء قديمًا وحديثًا يسترن وجوههنّ عن الأجانب، والذي ذكر عياض أن الذي اختَصَّ به أمهات المؤمنين ستر شخوصهنّ زيادةً على ستر أجسامهن.

٤ - (ومنها): أن فيه غيرةَ الرجل عند ابتذال أهله فيما يشقّ من الخدمة، وأنَفة نفسه من ذلك، لا سيما إذا كانت ذات حَسَب.

٥ - (ومنها): أن فيه منقبةً لأسماء، وللزبير، ولأبي بكر، ولنساء الأنصار - رضي الله عنهم -.