للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦ - (ومنها): أن فيه دليلًا على جواز إقطاع الإِمام، فأما الأرض المملوكة لبيت المال فلا يملكها أحد إلا بإقطاع الإِمام، ثم تارةً يُقطع رقبتها، ويملِّكها الإنسانَ، يَرَى فيه مصلحةً، فيجوز، وَيَملكها كما يملك ما يعطيه من الدراهم والدنانير، وغيرها، إذا رأى فيه مصلحةً، وتارةً يُقطعه منفعتها، فيستحق الانتفاع بها مدةَ الإقطاع، وأما الموات فيجوز لكل أحد إحياؤه، ولا يفتقر إلى إذن الإِمام، هذا مذهب مالك، والشافعيّ، والجمهور، وقال أبو حنيفة: لا يُملك المواتُ بالإحياء إلا بإذن الإِمام (١).

٧ - (ومنها): ما قال القاضي عياض رحمه اللهُ: فيه جواز التقاط المطروحات رغبةً عنها؛ كالنوى، والسنابل، وخِرَق المزابل، وسقاطتها، وما يطرحه الناس من رديء المتاع، ورديء الخضر، وغيرها، مما يُعرَف أنهم تركوه رغبةً عنه، فكل هذا يَحلّ التقاطه، ويملكه الملتقط، وقد لَقَطه الصالحون، وأهل الورع، ورأوه من الحلال المحض، وارتضوه لأكلهم، ولباسهم. انتهى (٢).

٨ - (ومنها): جواز الإرداف على الدابة إذا كانت مطيقةً، وله نظائر كثيرة في "الصحيح"، سبق بيانها في مواضعها.

٩ - (ومنها): بيان ما كان عليه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من كمال الشفقة على المؤمنين والمؤمنات، ورحمتهم، ومواساتهم فيما أمكنه.

١٠ - (ومنها): ما قال القرطبيّ عند قولها: "تزوجني الزبير، وما له في الأرض من مال … إلخ": هذا يدلُّ على ما كانوا عليه من شدة الحال في أول الأمر، وعلى أن المعتبَر عندهم في الكفاءة إنَّما كان الدِّين، والفضل، لا المال، والغنى، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "فعليك بذات الدِّين تَرِبَتْ يداك"، وإنما كان ذلك؛ لأنَّ القوم كانت مقاصدهم في النكاح التعاون على الدِّين، وتكثير أمة محمد خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم -، ولأنهم علموا أن المال ظِل زائل، وسحابٌ حائل، وأن الفضل باقٍ إلى يوم التلاق، فأما اليوم فقد انعكست الحال، وعدل الناس عن الواجب إلى المحال. انتهى (٣)، والله تعالى أعلم.


(١) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٦٥.
(٢) "إكمال المعلم" ٧/ ٧٧.
(٣) "المفهم" ٥/ ٥١٦ - ٥١٧.