للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ثُمَّ قَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ("يَا عَائِشَةُ أَشَعَرْتِ) بفتح العين المهملة، قال: شَعَرت بالشيء شُعورًا، من باب قَعَدَ، وشِعْرًا، وشِعْرَةً بكسرهما: عَلِمْت به، قاله الفيّوميّ (١)، وقال المجد: شَعَرَ به، كنصر، وكَرُم شِعْرًا وشَعْرًا، وشعرةً مثلَّثةً، وشِعْرَى: عَلِمَ به، وفَطِنَ لَهُ، وعَقَلَهُ. انتهى (٢)، فدلّ على أنَّ فِعْله من بابي نصر، وكرُم، فتنبّه.

(أَنَّ اللهَ) بفتح همزة "أَنّ"؛ لوقوعها مفعولًا لـ "شَعَرتِ(أفتَانِي فِيمَا استَفْتَيْتُهُ فِيهِ) وفي رواية الحميديّ: "أفتاني في أمر استفتيته فيه أي: أجابني فيما دعوته، فأَطلق على الدعاء استفتاءً؛ لأنَّ الداعي طالب، والمجيب مُفْتٍ، أو المعنى: أجابني بما سألته عنه؛ لأنَّ دعاءه كان أن يُطْلِعه الله على حقيقة ما هو فيه؛ لِمَا اشْتَبَهَ عليه من الأمر، ووقع في رواية عمرة، عن عائشة: "أن الله أنبأني بمرضي أي: أخبرني، وقوله: (جَاءَنِي رَجُلَانِ) تفسير لِمَا أفتاه به، ووقع في رواية أبي أسامة: "قلت: وما ذاك؟ قال: أتاني رجلان"، ووقع في رواية معمر، عند أحمد، ومرجأ بن رجاء، عند الطبرانيّ كلاهما عن هشام: "أتاني ملكان وسمّاهما ابن سعد في رواية منقطعة: "جبريل، وميكائيل". (فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: لَمْ يقع لي أيهما قعد عند رأسه، لكنني أظنه جبريل؛ لخصوصيته به - عَلَيْهِ السَّلَام -. ثم وجدت في "السيرة" للدمياطي الجزم بأنه جبريل، قال: لأنه أفضل، ثم وجدت في حديث زيد بن أرقم عند النسائيّ، وابن سعد، وصححه الحاكم، وعبد بن حميد: "سَحَر النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجلٌ من اليهود، فاشتكى لذلك أيامًا، فأتاه جبريل، فقال: إن رجلًا من اليهود سَحَرك، عَقَد لك عَقْدًا في بئر كذا"، فدَلّ مجموع الطرق على أن المسؤول هو جبريل، والسائل ميكائيل. انتهى (٣).

(فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ، أَو) قال (الَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِي) فـ "أو" للشّكّ من الراوي، وفي رواية البخاريّ: "فقال أحدهما


(١) "المصباح المنير" ١/ ٣١٥.
(٢) "القاموس المحيط" ص ٦٨٩ - ٦٩٠.
(٣) "الفتح في ١٣/ ٢٠٩، كتاب "الطبّ" رقم (٥٧٦٣).