للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المناسب له، وهو استخراجه، قال: ويَحْتَمِل أن مادّة السحر انتهت إلى إحدى قوى الرأس، حتى صار يُخَيَّل إليه ما ذُكِر، فإن السحر قد يكون من تأثير الأرواح الخبيثة، وقد يكون من انفعال الطبيعة، وهو أشدّ السحر، واستعمال الحجامة لهذا الثاني نافع؛ لأنه إذا هَيَّجَ الأخلاط، وظهر أثره في عضو، كان استفراغ المادّة الخبيثة نافعًا في ذلك.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: إنما قيل للسحر طِبّ؛ لأنَّ أصل الطبّ الْحِذْق بالشيء، والتفطن له، فلما كان كلّ من علاج المرض والسحر، إنما يتأتى عن فِطْنة، وحِذْق أُطلق على كلّ منهما هذا الاسم. انتهى (١).

(قَالَ) السائل: (مَنْ طَبَّهُ؟)؛ أي: من الذي سحره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ (قَالَ) المسؤول (لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَم، قَالَ) السائل: (فِي أَيِّ شَيْءٍ؟) طبّه (قَالَ) المسؤول: (فِي مُشْطٍ) بضم الميم، ويجوز كسرها، أثبته أبو عبيد، وأنكره أبو زيد، وبالسكون فيهما، وقد يضم ثانيه، مع ضم أوله فقط، وهو الآلة المعروفة التي يُسَرَّح بها شعر الرأس واللحية، وهذا هو المشهور، ويُطلق المشط بالاشتراك على أشياء أخرى، منها العظم العريض في الكتف، وسُلاميات ظهرِ القدم، ونبت صغير، يقال له: مشط الذَّنْب.

قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يَحْتَمِل أن يكون الذي سُحِر فيه النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما أحد هذه الأربع، قال الحافظ: وفاته آلةٌ لها أسنان، وفيها هِرَاوة يُقبض عليها، ويغطى بها الإناءة، قال ابن سيده في "المحكم": إنها تسمى المشط، والمشط أيضًا سمة من سمات البعير، تكون في العين، والفخذ، ومع ذلك فالمراد بالمشط هنا هو الأول، فقد وقع في رواية عمرة، عن عائشة: "فإذا فيها مشط رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومن مراطة رأسه"، وفي حديث ابن عباس: "من شعر رأسه، ومن أسنان مشطه"، وفي مرسل عمر بن الحكم: "فعَمَد إلى مشط، وما مشط من الرأس، من شعر، فعقد بذلك عَقْدًا".

(وَمُشَاطَةٍ) بضم الميم: ما يخرج من الشعر إذا مُشِط، ولا اختلاف فيه بين أهل اللغة، قال ابن قتيبة: المشاطة ما يخرج من الشعر الذي سقط من


(١) "المفهم" ٥/ ٥٧١.