رواية:"فقال: لا"، قال في "الفتح": ووقع في رواية ابن عيينة: "أنه استخرجه، وأن سؤال عائشة إنما وقع عن النُّشرة، فأجابها بلا". انتهى.
قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ("لَا)؛ أي: لا أُحرقه، ثم ذكر سبب تركه، فقال:(أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِي اللهُ)؛ أي: فلا حاجة لي إلى إحراقه، وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وقولها: "أفلا أحرقته" كذا صحَّت الرواية، وتعني به: السِّحر، ورقع في بعض النُّسخ: "أخرجته" بدل "أحرقته"، وهي أصوب؛ لأنَّها هي التي تناسب قوله: "لا، أما أنا فقد عافاني الله، وكرهت أن أثير على الناس شرًّا"؛ أي: بإخراج السِّحر من البئر، فلعلَّه يُعمل به، أو يَضُرَّ أحدًا، انتهى (١).
(وَكَرِهْتُ) بكسر الراء، (أَنْ أُثِيرَ) بضمِّ أوله، من الإثارة، (عَلَى النَّاسِ شَرًّا) وفي رواية الكشميهني عند البخاريّ: "سُوءًا"، قال في "الفتح": ووقع في رواية أبي أسامة: "أن أُثَوِّر" بفتح المثلثة، وتشديد الواو، وهما بمعني، والمراد بالناس التعميم في الموجودين، قال النووي: خَشِي من إخراجه، وإشاعته ضررًا على المسلمين، من تذكّر السحر، وتعلّمه، ونحو ذلك، وهو من باب ترك المصلحة خوف المفسدة.
ووقع في رواية ابن نُمير: "على أمتي"، وهو قابل أيضًا للتعميم؛ لأنَّ الأمة تُطلق على أمة الإجابة، وأمة الدعوة، وعلى ما هو أعمّ، وهو يَرُدّ على من زعم أن المراد بالناس هنا لبيد بن الأعصم؛ لأنه كان منافقًا، فأراد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن لا يثير عليه شرًّا؛ لأنه كان يُؤثِر الإغضاء عمن يظهر الإسلام، ولو صدر منه ما صدر.
وقد وقع أيضًا في رواية ابن عيينة: "وكرهت أن أثير على أحد من الناس شرًّا"، نعم وقع في حديث عمرة، عن عائشة: "فقيل: يا رسول الله لو قتلته؟ قال: ما وراءه من عذاب الله أشدّ"، وفي رواية عمرة: "فأخذه النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فاعترف، فعفا عنه".
وفي حديث زيد بن أرقم: "فما ذكر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لذلك اليهوديّ شيئًا، مما صنع به، ولا رآه في وجهه".