للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) الجارّ والمجرور متعلّق بصفة "جارية"، (رَأَى بِوَجْهِهَا سَفْعَةً) - بفتح السين المهملة، ويجوز ضمها، وسكون الفاء، بعدها عين مهملة - وحَكَى عياض ضم أوله، قال إبراهيم الحربيّ: هو سواد في الوجه، ومنه سَفْعة الفرس سواد ناصيته، وعن الأصمعيّ: حُمرة يعلوها سواد، وقيل: صفرة، وقيل: سواد مع لون آخر، وقال ابن قتيبة: لون يخالف لون الوجه، وكلها متقاربة، وحاصلها أن بوجهها موضعًا على غير لونه الأصليّ، وكان الاختلاف بحسب اللون الأصليّ، فإن كان أحمر فالسفعة سواد صِرْفٌ، وإن كان أبيض فالسفعة صُفرة، وإن كان أسمر فالسفعة حُمرة يعلوها سواد.

وذَكَر صاحب "البارع" في اللغة أن السفع سواد الخدين من المرأة الشاحبة، والشحوب بمعجمة، ثم مهملة: تغيّر اللون بِهُزَال أو غيره، ومنه: سَفْعاء الخدين، وتُطلق السفعة على العلامة، ومنه: بوجهها سفعة غضب، وهو راجع إلى تغيّر اللون، وأصل السفع: الأخذ بقهر، ومنه قوله تعالى: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} [العلق: ١٥]، ويقال: إن أصل السفع الأخذ بالناصية، ثم استُعمل في غيرها، وقيل في تفسيرها: لَنُعْلمنَّه بعلامة أهل النار، من سواد الوجه، ونحوه، وقيل: معناه لَنُذِلَّنَّه.

ويمكن رَدّ الجميع إلى معنى واحد، فإنه إذا أَخذ بناصيته بطريق القهر أذَلّه، وأحدث له تغيّرَ لونه، فظهرت فيه تلك العلامة، ومنه قوله في حديث الشفاعة: "قوم أصابهم سَفْع من النار" (١).

(فَقَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ("بِهَا نَظْرَةٌ) بسكون الظاء المعجمة، واختلف في المراد بالنظرة، فقيل: عينٌ من نظر الجنّ، وقيل: من الإنس، وبه جزم أبو عبيد الهرويّ، والأَوْلى أنه أعمّ من ذلك، وأنها أصيبت بالعين، فلذلك أَذِن - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الاسترقاء لها، وهو دال على مشروعية الرقية من العين، قاله في "الفتح" (٢).

(فَاسْتَرْقُوا) بسكون الراء؛ أي: اطلبوا (لَهَا") من يرقيها، وقوله: (يَعْنِي: بِوَجْهِهَا صُفْرَةً) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا التفسير ما عرفت قائله، إلَّا أنه يغلب


(١) "الفتح" ١٣/ ١٦٥، كتاب "الطبّ" رقم (٥٧٣٩).
(٢) "الفتح" ١٣/ ١٦٥، كتاب "الطب" رقم (٥٧٣٩).