للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التعجب من الشيء، وتُستعمل في تعظيم الشيء أيضًا، وهو لائق هنا، زاد شعبة في روايته: "ولم يذكر منه نهيًا"؛ أي: من النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك.

وزاد سليمان بن قَتّة في روايته بعد قوله: "وما يدريك أنَّها رقية؟ ": قلت: أُلْقِيَ في رُوعِي".

وللدارقطنيّ من هذا الوجه: "فقلت: يا رسول الله شيءٌ أُلْقِي في رُوعي"، وهو ظاهر في أنه لَمْ يكن عنده علم متقدم بمشروعية الرُّقَى بالفاتحة، ولهذا قال له أصحابه لَمّا رَجَع: "أكنت تحسن رقية؟ "، كما وقع في رواية معبد بن سيرين الآتية، وفي لفظ: "ما كنت تحسن رُقية".

زاد في رواية البخاريّ: "ثم قال: قد أصبتم وقوله: "قد أصبتم" يَحْتَمِل أن يكون صَوَّب فِعْلهم في الرقية، ويَحْتَمِل أن ذلك في توقفهم عن التصرف في الجعل، حتى استأذنوه، ويَحْتَمِل أعمّ من ذلك، قاله في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا الله عنه: كونه أعمّ هو الأقرب، والأوضح، فتأمل بالإمعان، والله تعالى أعلم.

(ثُمَّ قَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ("خُذُوا مِنْهُمْ)؛ أي: خذوا القطيع من الغنم من القوم الذين رَقَيتم لهم لديغهم، والمراد: تثبيتهم على ما هم عليه، من استلام القطيع، واستحسان صنيعهم ذلك.

وقال ابن حبّان - رَحِمَهُ اللهُ - في "صحيحه": قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "خذوا" أراد به جواز ذلك الشيء المأخوذ، مع جواز استعماله في المستقبل؛ لأنَّ الشاء أخذها الراقي قبل أن يأتي النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم سأل بعد ذلك، فقال له النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "خذوا" أراد به جواز فعل الماضي، والمستقبل معًا. انتهى (٢).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "خذوا منهم … إلخ" هذا تصريح بجواز أخذ الأجرة على الرقية بالفاتحة، والذِّكر، وأنها حلال، لا كراهة فيها، وكذا الأجرة على تعليم القرآن، وهذا مذهب الشافعيّ، ومالك، وأحمد، وإسحاق،


(١) "الفتح" ٦/ ٥٣، كتاب "الإجارة" رقم (٢٢٧٦).
(٢) "صحيح ابن حبان" ١٣/ ٤٧٥.