للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأبي ثور، وآخرين، من السلف، ومن بعدهم، ومنعها أبو حنيفة في تعليم القرآن، وأجازها في الرقية. انتهى (١).

(وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ")؛ أي: اجعلوا لي منه نصيبًا، وكأنه أراد المبالغة في تأنيسهم، كما وقع له في قصة الحمار الوحشيّ، وغير ذلك، قاله في "الفتح" (٢).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "خذوا منهم، واضربوا لي معكم بسهم": بيان للحكم بالقول، وتمكين له بالعمل؛ إذ لَمْ تكن له حاجة لذلك السَّهم إلَّا ليبالغ في بيان أن ذلك من الحلال المحض الذي لا شبهة فيه، فكان ذلك أعظم دليل لمن يقول بجواز الأجرة على الرُّقى، والطبّ، وهو قول مالك، والشافعيّ، وأبي حنيفة، وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وجماعة من السَّلف، والخلف. انتهى (٣).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: وأما قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "واضربوا لي بسهم معكم وفي الرواية الأخرى: "اقسموا، واضربوا لي بسهم معكم"، فهذه القسمة من باب المروءات، والتبرعات، ومواساة الأصحاب، والرفاق، وإلا فجميع الشياه ملك للراقي، مختصة به، لا حقّ للباقين فيها عند التنازع، فقاسَمَهُم تبرّعًا، وجُودًا، ومروءةً.

قال: وأما قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "واضربوا لي بسهم"، فإنما قاله تطييبًا لقلوبهم، ومبالغة في تعريفهم أنه حلال، لا شبهة فيه، وقد فعل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث العنبر، وفي حديث أبي قتادة في حمار الوحش مثله. انتهى (٤).

[تنبيه]: ذكر أبو داودء - رَحِمَهُ اللهُ - في "سننه" قصّة مشابهة لقضة أبي سعيد - رضي الله عنه -، عن خارجة بن الصَّلت، عن عمّه، فقال:

(٣٤٢٠) - حدّثنا عبيد الله بن معاذ، ثنا أبي، ثنا شعبة، عن عبد الله بن أبي السفر، عن الشعبيّ، عن خارجة بن الصَّلْت، عن عمه، أنه مَرّ بقوم،


(١) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٨٨.
(٢) "الفتح" ٦/ ٥٣، كتاب "الإجارة" رقم (٢٢٧٦).
(٣) "المفهم" ٥/ ٥٨٨.
(٤) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٨٨.