للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلا خلق له دواء، إلا الموت، والهرَم"، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "في الحبة السوداء شفاءٌ من كل داء، إلا السام يعني: الموت، رواه ابن شهاب عن سعيد، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وقال: "الكمأة من المنّ، وماؤها شفاء للعين"، ورَقَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نفسه، ورَقَى أصحابه، وأمرهم بالرقية، وأباح الأكل بالرقية، وكان يُعَوِّذ الحسن والحسين، ويسترقي لهما، وكذلك جاء عنه في ابني جعفر، وأمر عامر بن ربيعة بالاغتسال لسهيل بن حُنيف من العين، وكان يقول: "من قال أعوذ بعزة الله وقدرته، كُشف عنه كذا، ومن قال: أعوذ بكلمات الله التامات لم يضرّه شيء"، ونحو هذا من الحديث، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأسماء بنت عميس: "بم كنت تستمشين؟ " قالت: بالشبرم؟ قال: "حارّ جارّ قالت: ثم استَمْشَيْتُ بالسَّنَا، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "لو كان شيء يشفي من الموت كان السنا"، وأجاز -صلى الله عليه وسلم- اللَّدُود، والسَّعُوط، والمَشْي، والحجامة، والعَلَق.

وقال إبراهيم النخعيّ: كانوا لا يرون بالاستشفاء بأسًا، وإنما كرهوا منه ما كرهوا مخافة أن يُضعفهم، وقال عطاء: لا بأس أن يَستشفي المجذوم، وغير المجذوم، وقد سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقيل له: أرأيت أدوية نتداوى بها، ورُقًى نسترقي بها، أتردّ من قدر الله؟ فقال: "هي من قدر الله"، وذكر آثارًا كثيرًا من هذا النوع.

قال: واكتوى ابن عمر وغيره من السلف، فمن زعم أنه لا معنى للرقى، والاستعاذة، ومنع من التداوي، والمعالجة، ونحو ذلك، مما يُلتمس به العافية من الله، فقد خرج من عُرف المسلمين، وخالف طريقهم.

قالوا: ولو كان الأمر كما ذهب إليه من كَرِه التداوي والرقَى، ما قَطَع الناس أيديهم، وأرجلهم، وغير ذلك من أعضائهم للعلاج، وما افتصدوا، ولا احتجموا، وهذا عروة بن الزبير قد قطع ساقه.

قالوا: وقد يَحْتَمِل أن يكون قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يسترقون، ولا يكتوون"، أن يكون قَصَدَ إلى نوع من الكيّ، مكروه منهيّ عنه، أو يكون قصد إلى الرُّقَى بما ليس في كتاب الله، ولا مِن ذِكْره، وقد جاء عن أبي بكر الصديق كراهية الرقية بغير كتاب الله، وعلى ذلك العلماء، وأباح لليهودية أن تَرْقِيَ عائشة بكتاب الله.