للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- هذا متّفقٌ عليه، وقد تقدّم تخريجه في الحديث الماضي، فلنذكر بقيّة المسائل:

(المسألة الأولى): في فوائده:

١ - (منها): بيان استحباب التداوي بالحجامة، وأنها من أنفع الأدوية.

٢ - (ومنها): أن الْخُراج يعالج بالحجامة، فإنها من أنفع الأدوية فيه.

٣ - (ومنها): ما قال القاضي عياض -رحمه الله-: وفي جملة هذه الأحاديث ما حَوَاه من علوم الدين والدنيا، وصحة علم الطبّ، وجواز التطبب في الجملة، واستحبابه بالأمور المذكورة، من الحجامة، وشرب الأدوية، والسَّعُوط، واللَّدُود، وقطع العروق، والرُّقَى، قال: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أَنزل الدواء الذي أنزل الداء" هذا إعلام لهم، وإذن فيه، وقد يكون المراد بإنزاله إنزال الملائكة الموكلين بمباشرة مخلوقات الأرض، من داء، ودواء، قال: وذكر بعض الأطباء في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "شَرْطة مِحْجَم، أو شَرْبة عسل، أو لَذْعَةٌ بنار"، أنه إشارة إلى جميع ضروب المعافاة، والله أعلم. انتهى.

(المسألة الثانية): قال النوويّ -رحمه الله-: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن كان في شيء من أدويتكم خير، ففي شَرْطة مِحجم. . . إلخ": هذا من بديع الطبّ عند أهله؛ لأن الأمراض الامتلائية دموية، أو صفراوية، أو سوداوية، أو بلغمية، فإن كانت دموية، فشفاؤها إخراج الدم، وإن كانت من الثلاثة الباقية فشفاؤها بالإسهال بالمسهل اللائق لكل خلط منها، فكأنه نبَّه -صلى الله عليه وسلم- بالعسل على المسهلات، وبالحجامة على إخراج الدم بها، وبالفصد، ووضع العَلَق وغيرها مما في معناها، وذَكَر الكيّ؛ لأنه يُستعمل عند عدم نفع الأدوية المشروبة، ونحوها، فآخر الطبّ الكيّ.

وقوله: "وما أحب أن أكتوي" إشارة إلى تأخير العلاج بالكيّ حتى يُضْطَرَّ إليه؛ لِمَا فيه من استعمال الألم الشديد في دفع ألم، قد يكون أضعف من ألم الكيّ.

وأما ما اعتَرَضَ به الملحد المتقدّم ذكره، فنقول في إبطاله: إن علم الطبّ من أكثر العلوم احتياجًا إلى التفصيل، حتى إن المريض يكون الشيء دواءه في ساعة، ثم يصير داء له في الساعة التي تليها بعارض يَعْرِض، من