للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أو وضع على البطن، وتشفي الزكام، إذا قُلِي، وصُرَّ في خرقة، وشُمَّ، وتزيل العلة التي يتقشر منها الجلد، وتقلع الثآليل المتعلقة، والمنكسة، والخيلان، وتُدرّ الطمث المنحبس، إذا كان انحباسه من أخلاط غليظة لزجة، وتنفع الصداع إذا طُلِيَ بها الجبين، وتقلع البثور، والجرَب، وتحلل الأورام البلغمية، إذا تضمد بها مع الخلّ، وتنفع من الماء العارض في العين، إذا استُعِط بها مسحوقًا بدهن الأريا، وتنفع من انتصاب النفس، ويتمضمض بها من وجع الأسنان، وتدرّ البول، واللبن، وتنفع من نهشة الرتيلا، وإذا بُخِّر به طرد الهوام.

قال القاضي: وقال غير جالينوس: خاصيته إذهاب حمى البلغم، والسوداء، وتقتل حب القرع، وإذا عُلِّق في عنق المزكوم نفعه، وينفع من حمى الربع، قال: ولا يبعد منفعة الحارّ من أدواء حارّة بخواص فيها، فقد نجد ذلك في أدوية كثيرة، فيكون الشونيز منها؛ لعموم الحديث، ويكون استعماله أحيانًا منفردًا، وأحيانًا مركبًا، والله تعالى أعلم (١).

(المسألة الثالثة): قال الخطابيّ -رحمه الله-: انتظم هذا الحديث على جملة ما يَتَدَاوَى به الناس، وذلك أن الحجم يَستفرغ الدم، وهو أعظم الأخلاط، والحجم أنجحها شفاءً عند هيجان الدم، وأما العسل فهو مُسهِل للأخلاط البلغمية، ويدخل في المعجونات؛ ليحفظ على تلك الأدوية قواها، ويخرجها من البدن، وأما الكيّ، فإنما يُستعمل في الخلط الباغي الذي لا تنحسم مادته إلا به، ولهذا وصفه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ثم نَهَى عنه، وإنما كَرِهه لِمَا فيه من الألم الشديد، والخطر العظيم، ولهذا كانت العرب تقول في أمثالها: آخرُ الدواء الكيّ، وقد كَوَى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- سعد بن معاذ وغيره، واكتوى غير واحد من الصحابة.

قال الحافظ -رحمه الله-: ولم يُرِد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الحصر في الثلاثة، فإن الشفاء قد يكون في غيرها، وإنما نبَّه بها على أصول العلاج، وذلك أن الأمراض الامتلائية تكون دموية، وصفراوية، وبلغمية، وسوداوية، وشفاء الدموية بإخراج


(١) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٩٢ - ١٩٧.