للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

دم فيه؛ لخفّته في مقصود الشرع، ولا يجوز ذلك في الدِّماء؛ لِحُرمتها، وعِظَم أمرها في مقصود الشرع، فلا يصح حمل أحدهما على الآخر.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الاستبعاد فيه نظر لا يخفى، بل الاستدلال على مشروعيّة قتل الجماعة بالواحد منه ظاهر، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم.

قال: وإنَّما الذي يُستنبط منه أن الحاضر في الجناية الْمُعِين عليها كالناظور الذي هو الطليعة كالمباشر لها، فيُقْتَصّ من الكل، لكن فيما لا دم فيه على ما قررناه، وقد نبَّه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على هذا المعنى بقوله: "إلا العباس، فإنَّه لم يشهدكم". انتهى (١).

(غَيْرُ الْعَبَّاسِ) بن عبد المطّلب عمّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهو استثناء من "أحدٌ"، ثم بيّن سبب استثناء العبّاس -رضي الله عنه- بقوله: (فَإِنَّه لَمْ يَشْهَدْكُمْ")؛ أي: لم يحضركم حالة الأمر.

قيل: قال ابن إسحاق في "المغازي": إن العباس هو الآمر باللَّدّ، وقال: والله لأَلُدّنّه، ولمّا أفاق قال: "من صنع هذا بي؟ " قالوا: يا رسول الله عمك.

وأجيب بأنه يمكن التلفيق بينهما بأن يقال: لا منافاة بين الأمر وعدم الحضور وقت اللَّدّ، قاله في "العمدة" (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: لا حاجة إلى التلفيق، فما في "الصحيحين" نصّ صريح في استثناء العبّاس -رضي الله عنه- من اللدّ لعدم مشاركته لهم فيه، فلا يمكن أن يكون هو الآمر به، ففي صحة ما في "المغازي" نظر لا يخفى، فتأمّل، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عائشة -رضي الله عنها- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٢/ ٥٧٤٩] (٢٢١٣)، و (البخاريّ) في


(١) "المفهم" ٥/ ٦٠١ - ٦٠٢.
(٢) "عمدة القاري" ١٨/ ٧٣.