للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الورد نفع من نهش الهوامّ، وشُرْب الأفيون، وإن شُرِب وحده ممزوجًا بماء نفع من عَضّة الكلب الكَلِب، وأَكْل الفُطُر (١) القتال، وإذا جُعل فيه اللحم الطريّ حَفِظ طراوته ثلاثة أشهر، وكذلك إن جُعل فيه القثاء، والخيار، والقرع، والباذنجان، ويَحفظ كثيرًا من الفاكهة ستة أشهر، ويحفظ جثة الموتى، ويسمى الحافظ الأمين، وإذا لُطِخ به البدن المقمل، والشعر قتل قمله، وصِئْبانه (٢)، وطَوَّل الشعر، وحسَّنه، ونَعَّمه، وإن اكتُحِل به جلا ظلمة البصر، وإن استُنّ به بَيَّض الأسنان، وصَقَلها، وحَفِظ صحتها، وصحة اللِّثَة، ويَفتح أفواه العروق، ويُدِرّ الطمث، ولَعْقه على الريق يُذهب البلغم، ويغسل خمل المعدة، ويدفع الفضلات عنها، ويُسَخِّنها تسخينًا معتدلًا، ويفتح سددها، ويفعل ذلك بالكبد، والكلى، والمثانة، وهو أقل ضررًا لسدد الكبد، والطحال من كل حلو.

وهو مع هذا كله مأمون الغائلة، قليل المضارّ، مُضِرّ بالعرض للصفراويين، ودفعها بالخلّ ونحوه، فيعود حينئذ نافعًا له جدًّا.

وهو غذاء مع الأغذية، ودواء مع الأدوية، وشراب مع الأشربة، وحلو مع الحلوى، وطلاء مع الأطلية، ومُفْرِح مع المفرحات، فما خُلق لنا شيء في معناه أفضلَ منه، ولا مثلَهُ، ولا قريبًا منه، ولم يكن مُعَوّل القدماء إلا عليه، وأكثر كتب القدماء لا ذِكر فيها للسكر البتة، ولا يعرفونه، فإنه حديث العهد حَدَث قريبًا، وكان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يشربه بالماء على الريق، وفي ذلك سر بديع في حفظ الصحة، لا يدركه إلا الفطن الفاضل.

وفي "سنن ابن ماجه" مرفوعًا من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "مَن لَعِقَ العسل ثلاث غدوات، كل شهر لم يصبه عظيم من البلاء" (٣)، وفي أثر آخر: "عليكم بالشفاءين: العسل، والقرآن" (٤)، فجَمَع بين الطب البشريّ والإلهيّ،


(١) الْفُطُر بضمّتين: نوع من الكمأة قتّال.
(٢) الصُّؤَابة، كغُرابة: بيضة القمل والبُرْغُوث، جمعه صُؤَابٌ، وصِئْبانٌ. اهـ. "ق".
(٣) ضعيف في سنده راو ليِّن الحديث، وآخر مجهول.
(٤) حديث صحيح، صححه الحاكم، ووافقه الذهبىّ، إلا أن البيهقىّ يصحح كونه موقوفًا على ابن مسعود -رضي الله عنه-.