للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بل لا يزيد المنافق إلا رِجْسًا إلى رجسه، ومَرَضًا إلى مرضه، فطب النبوة لا يناسب إلا الأبدان الطيبة، كما أن شفاء القرآن لا يناسب إلا القلوب الطيبة، والله أعلم.

وقال ابن الجوزيّ -رحمه اللهُ- (١): في وصفه -صلى الله عليه وسلم- العسل لهذا المنسهل أربعة أقوال:

[أحدها]: أنه حَمْل الآية على عمومها في الشفاء، وإلى ذلك أشار بقوله: "صدق الله"؛ أي: في قوله: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ}، فلمّا نبّهه على هذه الحكمة، تلقاها بالقبول، فشُفي بإذن الله تعالى.

[الثاني]: أن الوصف المذكور على المألوف من عادتهم، من التداوي بالعسل، في الأمراض كلها.

[الثالث]: أن الموصوف له ذلك كانت به هيضة (٢)، كما تقدم تقريره.

[الرابع]: يَحْتَمِل أن يكون أمره بطبخ العسل قبل شربه، فإنه يعقد البلغم، فلعله شربه أوّلًا بغير طبخ. انتهى.

قال الحافظ: والثاني، والرابع ضعيفان.

قال: وفي كلام الخطابيّ احتمال آخر (٣)، وهو أن يكون الشفاء يحصل للمذكور ببركة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وبركة وصفه، ودعائه، فيكون خاصًّا بذلك الرجل دون غيره، وهو ضعيف أيضًا.

قال: ويؤيد الأول حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-: "عليكم بالشفاءين: العسل، والقرآن"، أخرجه ابن ماجه، والحاكم، مرفوعًا، وأخرجه ابن أبي شيبة، والحاكم موقوفًا، ورجاله رجال الصحيح.

وأثر عليّ: "إذا اشتكى أحدكم، فليستوهب من امرأته من صداقها، فليشتر به عسلًا، ثم يأخذ ماء السماء، فيجمع هنيئًا، مريئًا، شفاءً مباركًا"، أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" بسند حسن.


(١) "كشف المشكل" ٣/ ١٥٩.
(٢) "الهَيضة": مرض من أعراض القيء الشديد، والإسهال، والْهُزال (الكوليرا). انتهى. من هامش "المفهم" ٥/ ٦٠٩.
(٣) "الأعلام" ٣/ ٢١١.