للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فهي مَوْبُوءَةٌ؛ أي: ذات وباء. انتهى (١)، وقد تقدّم البحث مستوفًى في شرح حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- الماضي.

(قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ) وعند سيف: أنه أشدّ ما كان، وفي رواية يونس: "الوجع" بدل "الوباء"، وفي رواية هشام بن سعد: "أن عمر لَمّا خرج إلى الشام، سَمِع بالطاعون"، ولا مخالفة بينها، فإن كل طاعون وباءٌ، ووَجَعٌ، من غير عكس (٢).

(قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) -رضي الله عنهما- (فَقَالَ عُمَرُ بن الخطاب) -رضي الله عنه- (ادْعُ لِيَ)، وفي رواية يونس: "اجمع لي"، (الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ) هم الذين صلّوا إلى القبلتين، وأما من لم يُسلم إلا بعد تحويل القبلتين فلا يُعدّ في الأولين، قاله القرطبيّ -رحمه الله- (٣).

(فَدَعَوْتُهُمْ، فَاسْتَشَارَهُمْ) في القدوم، والرجوع، وفيه دليلٌ على استشارة أولي العلم، والفضائل، وتقديم أهل السوابق، وهذا من عمر -رضي الله عنه- عَمَلٌ بقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} الآية [آل عمران: ١٥٩] وقد استشار النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أصحابَه غير مرّة، وإن كان أكمل الناس عقلًا، وأغزرهم علمًا، ولكن كان ذلك لِيَسُنَّ، ويطيب قلوب أصحابه. انتهى (٤).

وقال النوويّ -رحمه الله-: قوله: "ادع لي المهاجرين الأولين، فدعا، ثم دعا الأنصار، ثم مشيخة قريش، من مهاجرة الفتح" إنما رتّبهم هكذا على حَسَب فضائلهم، قال القاضي عياض: المراد بالمهاجرين الأولين: مَن صلى للقبلتين، فأما من أسلم بعد تحويل القبلة، فلا يُعَدّ فيهم، قال: وأما مهاجرة الفتح، فقيل: هم الذين أسلموا قبل الفتح، فحصل لهم فضل بالهجرة قبل الفتح؛ إذ لا هجرة بعد الفتح، وقيل: هم مُسْلِمة الفتح الذين هاجروا بعده، فحصل لهم اسم دون الفضيلة، قال القاضي: هذا أظهر؛ لأنهم الذين ينطلق عليهم مشيخة قريش، وكان رجوع عمر -رضي الله عنه- لرجحان طرف الرجوع؛ لكثرة القائلين، وأنه أحوط، ولم يكن مجرد تقليد لمسلمة الفتح؛ لأن بعض المهاجرين الأولين،


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦٤٦.
(٢) "الفتح" ١٣/ ١٣٦ - ١٣٧، كتاب "الطبّ" رقم (٥٧٢٩).
(٣) "المفهم" ٥/ ٦١٦ - ٦١٧.
(٤) "المفهم" ٥/ ٦١٦ - ٦١٧.