(٢) الذي ذكره هناك نصّه: قوله في آخر الحديث: "فلا تخرجوا فرارًا منه"، قال أبو النضر: "لا يخرجكم إلا فرارًا منه"، يريد أن الأُولى رواية محمد بن المنكدر، والثانية رواية أبي النضر، فأما رواية ابن المنكدر فلا إشكال فيها، وأما رواية أبي النضر، فروايتها بالنصب كالذي هنا مشكلة، ورواها جماعة بالرفع، ولا إشكال فيها، قال عياض في "شرح مسلم": وقع لأكثر رواة "الموطأ" بالرفع، وهو بَيَّنَ أن السبب الذي يُخرجكم الفرار، ومجرد قَصْده، لا غير ذلك؛ لأن الخروج إلى الأسفار، والحوائج مباح، ويطابق الرواية الأخرى: "فلا تخرجوا فرارًا منه"، قال: ورواه بعضهم: "إلا فرارًا منه"، قال: وقال ابن عبد البر: جاء بالوجهين، ولعل ذلك كان من مالك، وأهلُ العربية يقولون: دخول "إلّا" هنا بعد النفي لإيجاب بعض ما نَفَى قبلُ من الخروج، فكأنه نَهَى عن الخروج إلا للفرار خاصّةً، وهو ضدّ المقصود، فإن المنهيّ عنه إنما هو الخروج للفرار خاصّةً، لا لغيره، قال: وجوّز ذلك بعضهم، وجعل قوله: "إلّا" حالًا من الاستثناء؛ أي: لا تخرجوا=