للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسلم"، ولم أرها فيه، ولعله لاختلاف النُّسخ، والله تعالى أعلم.

(سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ، فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ) ليكون أسكن لأنفسكم، وأقطع لوسواس الشيطان، قال في "الأحوذيّ": ولأن الله أمر أن لا يُتَعَرَّض للحتف والبلاء، وإن كان لا نجاة من قدر الله، إلا أنه من باب الحذر الذي شرعه الله، ولئلا يقول القائل: لو لم أدخل لم أمرض، ولو لم يدخل فلان لم يمت (١).

وقال في "الفتح": هذا موافق للمتن الذي قبله عن أسامة بن زيد، وسعد، وغيرهما، فلعلهم لم يكونوا مع عمر في تلك السفرة. (وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ، وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ") لئلا يكون معارضةً للقدر، فلو خرج لِقَصْد آخر غير الفرار جاز.

وفي رواية عبد الله بن عامر التي بعد هذه، وفي حديث أسامة عند النسائيّ: "فلا تَفِرّوا منه"، وفي رواية لأحمد من طريق ابن سعد، عن أبيه مثله، ووقع عند البخاريّ في "ذكر بني إسرائيل": "إلا فرارًا منه"، وتقدم الكلام على إعرابه هناك، قاله في "الفتح" (٢).


(١) "شرح الزرقانيّ ٤/ ٢٩٧.
(٢) الذي ذكره هناك نصّه: قوله في آخر الحديث: "فلا تخرجوا فرارًا منه"، قال أبو النضر: "لا يخرجكم إلا فرارًا منه"، يريد أن الأُولى رواية محمد بن المنكدر، والثانية رواية أبي النضر، فأما رواية ابن المنكدر فلا إشكال فيها، وأما رواية أبي النضر، فروايتها بالنصب كالذي هنا مشكلة، ورواها جماعة بالرفع، ولا إشكال فيها، قال عياض في "شرح مسلم": وقع لأكثر رواة "الموطأ" بالرفع، وهو بَيَّنَ أن السبب الذي يُخرجكم الفرار، ومجرد قَصْده، لا غير ذلك؛ لأن الخروج إلى الأسفار، والحوائج مباح، ويطابق الرواية الأخرى: "فلا تخرجوا فرارًا منه"، قال: ورواه بعضهم: "إلا فرارًا منه"، قال: وقال ابن عبد البر: جاء بالوجهين، ولعل ذلك كان من مالك، وأهلُ العربية يقولون: دخول "إلّا" هنا بعد النفي لإيجاب بعض ما نَفَى قبلُ من الخروج، فكأنه نَهَى عن الخروج إلا للفرار خاصّةً، وهو ضدّ المقصود، فإن المنهيّ عنه إنما هو الخروج للفرار خاصّةً، لا لغيره، قال: وجوّز ذلك بعضهم، وجعل قوله: "إلّا" حالًا من الاستثناء؛ أي: لا تخرجوا=