وهم القدوة، فلم يَعِبْ أحد منهم على صاحبه اجتهاده، ولا وجد عليه في نفسه، قال ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللهُ-: إلى الله الشكوي، وهو المستعان على أمة نحن بين أظهرها، تستحل الأعراض، والدماء، إذا خولفت فيما تجيء به من الخطأ. انتهى (١).
٦ - (ومنها): أن المجتهد إذا قاده اجتهاده إلى شيء، خالفه فيه صاحبه، لم يجز له الميل إلى قول صاحبه، إذا لم يَبِنْ موقع الصواب فيه، ولا قام له الدليل عليه.
٧ - (ومنها): أن الإمام، والحاكم إذا نزلت به نازلة، لا أصل لها في الكتاب، ولا في السُّنَّة، كان عليه أن يجمع العلماء، وذوي الرأي، ويشاورهم، فإن لم يأت واحد منهم بدليل كتاب، ولا سُنَّة، غير اجتهاده، كان عليه الميل إلى الأصلح، والأخذ بما يراه.
٨ - (ومنها): أن الاختلاف لا يوجب حُكْمًا، وإنما يوجبه النظر، وأن الإجماع يوجب الحكم والعمل، قاله ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللهُ-.
٩ - (ومنها): إثبات المناظرة، والمجادلة عند الخلاف في النوازل، والأحكام، ألا ترى إلى قول أبي عبيدة لعمر -رضي الله عنهما-: تفر من قدر الله؟ فقال: نعم، أفر من قدر الله إلى قدر الله، ثم قال له: أرأيت … فقايسه، وناظره بما يشبه في مسألته.
١٠ - (ومنها): أن الاختلاف إذا نزل، وقام الْحِجَاج، فالحجة، والْفَلَج بيد من أدلى بالسُّنَّة، إذا لم يكن من الكتاب نصّ لا يُخْتَلَف في تأويله، وبهذا أمر الله تعالى عباده عند التنازع أن يردّوا ما تنازعوا فيه إلى كتاب الله، وسُنَّة نبيّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فمن كان عنده من ذلك علم وجب الانقياد إليه.
١١ - (ومنها): أن الحديث يُسَمّى علمًا، ويُطلق ذلك عليه، ألا ترى إلى قول عبد الرَّحمن بن عوف -رضي الله عنه-: عندي من هذا علم.
١٢ - (ومنها): أن الخلق يَجْرُون في قَدَر الله تعالي، وعلمه، وأن أحدًا منهم لا يخرج عن حكمه، وإرادته، ومشيئته، لا شريك له.