للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عمرو بن العاص، ومعاذ بن جبل، وفي طريق أخرى بينه وبين واثلة الهذلي، وفي معظم الطرق أن عمرو بن العاص صَدَّق شُرحبيل، وغيره على ذلك.

ونقل عياض وغيره جواز الخروج من الأرض التي يقع بها الطاعون عن جماعة من الصحابة، منهم أبو موسى الأشعريّ، والمغيرة بن شعبة، ومن التابعين، منهم الأسود بن هلال، ومسروق، ومنهم من قال: النهي فيه للتنزيه، فيُكره، ولا يَحْرُم، وخالفهم جماعة، فقالوا: يحرم الخروج منها؛ لظاهر النهي الثابت في الأحاديث الماضية، وهذا هو الراجح عند الشافعية، وغيرهم، ويؤيده ثبوت الوعيد على ذلك، فأخرج أحمد، وابن خزيمة، من حديث عائشة -رضي الله عنها- مرفوعًا في أثناء حديث بسند حسن: "قلت: يا رسول الله فما الطاعون؟ قال: غُدّة كغُدّة الإبل، المقيم فيها كالشهيد، والفارّ منها كالفارّ من الزحف"، وله شاهد من حديث جابر -رضي الله عنه- رفعه: "الفارّ من الطاعون كالفارّ من الزحف، والصابر فيه كالصابر في الزحف"، أخرجه أحمد أيضًا، وابن خزيمة، وسنده صالح للمتابعات.

وقال الطحاوي: استَدَلّ من أجاز الخروج بالنهي الوارد عن الدخول إلى الأرض التي يقع بها، قالوا: وإنما نهى عن ذلك خشية أن يُعدي من دخل عليه، قال: وهو مردود؛ لأنه لو كان النهي لهذا لجاز لأهل الموضع الذي وقع فيه الخروج، وقد ثبت النهي أيضًا عن ذلك، فعُرف أن المعنى الذي لأجله مُنعوا من القدوم عليه غير معنى العدوي، والذي يظهر -والله أعلم- أن حكمة النهي عن القدوم عليه؛ لئلا يصيب مَن قَدِم عليه بتقدير الله، فيقول: لولا أني قدمت هذه الأرض لَمَا أصابني، ولعله لو أقام في الموضع الذي كان فيه لأصابه، فأُمِر أن لا يَقْدَم عليه حَسْمًا للمادة، ونُهي من وقع وهو بها أن يخرج من الأرض التي نزل بها؛ لئلا يَسْلَم، فيقول مثلًا: لو أقمت في تلك الأرض لأصابني ما أصاب أهلها، ولعله لو كان أقام بها ما أصابه من ذلك شيء. انتهى.

ويؤيده ما أخرجه الهيثم بن كليب، والطحاويّ، والبيهقيّ بسند حسن، عن أبي موسى أنه قال: "إن هذا الطاعون قد وقع، فمن أراد أن يتنزه عنه فليفعل، واحذروا اثنتين: أن يقول قائل خرج خارج فَسَلِم، وجلس جالس