ذلك الكلام، وقال القرطبيّ: ويصحّ أن يقال المعنى: ألقاها في أذنه بصوت، يقال: قَرّ الطائر: إذا صَوّت. انتهى.
ووقع في رواية يونس:"فيقرقرها"؛ أي: يردّدها، يقال: قرقرت الدجاجة تُقَرْقِر قَرْقَرَةً: إذا رددت صوتها، قال الخطابيّ: ويقال أيضًا: قَرَّت الدجاجة تَقُرّ قَرًّا، وقريرًا: إذا رجعت في صوتها، قيل: قرقرت قرقرةً، وقرقريرةً، قال: والمعنى أن الجني إذا ألقى الكلمة لوليّه تسامع بها الشياطين، فتناقلوها، كما إذا صوّتت الدجاجة، فسمعها الدجاج فجاوبتها.
وتعقبه القرطبيّ بأن الأشبه بمساق الحديث أن الجني يُلقي الكلمة إلى وليّه بصوت خفيّ، متراجع، له زمزمة، ويرجّعه له، فلذلك يقع كلام الكهان غالبًا على هذا النمط.
وقوله:"كقرقرة الدجاجة"؛ يعني: الطائر المعروف، ودالها مثلّثة، والأشهر فيها الفتح، ووقع في رواية المستملي:"الزجاجة" بالزاي المضمومة، وأنكرها الدارقطنيّ، وعدّها في التصحيف، لكن وقع في حديث الباب بلفظ:"فيقرّها في أذنه كما تقر القارورة"، وشرحوه على أن معناه كما يسمع صوت الزجاجة، إذا حُلّت على شيء، أو أُلقي فيها شيء، وقال القابسيّ: المعنى أنه يكون لِمَا يُلقيه الجني إلى الكاهن حسّ كحسّ القارورة إذا حُرِّكت باليد، أو على الصفا.
وقال الخطابيّ: المعنى: أنه يُطبِّق به كما يُطَبَّق رأس القارورة برأس الوعاء الذي يُفرَغ فيه منها ما فيها.
وأغرب شارح "المصابيح" النوربشتيّ، فقال: الرواية بالزاي أحوط؛ لِمَا ثبت في الرواية الأخرى:"كما تُقَرُّ القارورة، واستعمال قَرّ في ذلك شائع، بخلاف ما فَسَّروا عليه الحديث، فإنه غير مشهور، ولم نجد له شاهدًا في كلامهم، فدلّ على أن الرواية بالدال تصحيف، أو غلط من السامع.
وتعقبه الطيبيّ، فقال: لا ريب أن قوله: "قَرَّ الدجاجة" مفعول مطلق، وفيه معنى التشبيه، فكما يصحّ أن يُشبَّه إيراد ما اختطفه من الكلام في أُذُن الكاهن بصب الماء في القارورة، يصحّ أن يُشبّه ترديد الكلام في أذنه بترديد الدجاجة صوتها في أذن صواحباتها، وهذا مشاهَدٌ، ترى الديك إذا رأى شيئًا