الشباب، وهو الفتاء - بالمد - ثم قد استُعْمِل الفتى فيمن كَمُلت فضائله، ومكارمه، كما قالوا: لا فتًى إلا عليٌّ، قال: ومن هذا أخذ الصُّوفيَّة الفتوّة المتعارفة بينهم، وأصل الغلوميَّة في بني آدم، وهي للصغير، فينطلق على الصغير اسم غلام من حين يولد إلى أن يبلغ، فينقطع عنه ذلك الاسم، وكذلك الجارية في النِّساء. انتهى (١).
٢ - (ومنها): ما قال النوويّ - رحمه الله -: قال العلماء: مقصود الأحاديث شيئان: أحدهما: نهي المملوك أن يقول لسيده: ربي؛ لأن الربوبية إنما حقيقتها لله تعالى؛ لأن الربّ هو المالك، أو القائم بالشيء، ولا يوجد حقيقةُ هذا إلا في الله تعالى.
فإن قيل: فقد قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في أشراط الساعة:"أن تلد الأمة ربتها، أو ربها".
فالجواب من وجهين: أحدهما: أن الحديث الثاني لبيان الجواز، وأن النهي في الأول للأدب، وكراهة التنزيه، لا للتحريم.
والثاني: أن المراد: النهي عن الإكثار من استعمال هذه اللفظة، واتخاذها عادةً شائعةً، ولم ينه عن إطلاقها في نادر من الأحوال، واختار القاضي هذا الجواب، ولا نهي في قول المملوك: سيدي؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وليقل: سيدي"؛ لأن لفظة السيد غير مختصة بالله تعالى اختصاصَ الربّ، ولا مستعملة فيه كاستعمالها حتى نقل القاضي عن مالك أنه كَرِهَ الدعاء بسيدي، ولم يأت تسمية الله تعالى بالسيد في القرآن، ولا في حديث متواتر، وقد قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن ابني هذا سيد"، و"قوموا إلى سيدكم"؛ يعني: سعد بن معاذ، وفي الحديث الآخر:"اسمعوا ما يقول سيدكم"؛ يعني: سعد بن عُبادة، فليس في قول العبد: سيدي إشكال، ولا لَبْسٌ؛ لأنه يستعمله غير العبد والأمة، ولا بأس أيضًا أن يقول العبد لسيده: مولاي، فإن المولى وقع على ستة عشر معنى، سبق بيانها، منها: الناصر، والمالك.
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "على ستّة عشر معنى" بل هي واحد