للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعشرون معنى، وقد تقدّم أنْ ذَكَرْتُها نظمًا، فلا تَنْسَ، والله تعالى وليّ التوفيق.

قال: الثاني: يكره للسيد أن يقول لمملوكه: عبدي، وأمتي، بل يقول: غلامي، وجاريتي، وفتاي، وفتاتي؛ لأن حقيقة العبودية إنما يستحقها الله تعالى، ولأن فيها تعظيمًا بما لا يليق بالمخلوق استعماله لنفسه، وقد بيَّن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - العلة في ذلك، فقال: "كلكم عبيد الله"، فنهى عن التطاول في اللفظ، كما نهى عن التطاول في الأفعال، وفي إسبال الإزار، وغيره، وأما غلامي، وجاريتي، وفتاي، وفتاتي، فليست دالة على الْمِلك؛ كدلالة عبدي، مع أنها تُطلق على الحرّ، والمملوك، وإنما هي للاختصاص، قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ} [الكهف: ٦٠]، وقال: {لِفِتْيَانِهِ} [يوسف: ٦٢]، وقال: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ} [الكهف: ١٣]، {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ} [الأنبياء: ٦٠]، وأما استعمال الجارية في الحرّة الصغيرة فمشهور معروف في الجاهلية، والإسلام، والظاهر أن المراد بالنهي مِن استعماله على جهة التعاظم، والارتفاع، لا للوصف، والتعريف، والله تعالى أعلم. انتهى (١).

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٥٨٦١] (. . .) - (وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي، فَكُلُّكُمْ عَبِيدُ اللهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: فَتَايَ، وَلَا يَقُلِ الْعَبْدُ (٢): رَبِّي، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: سَيِّدِي").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

كلهم ذُكروا في الباب، وقبل باب، غير "الأعمش"، فقد تقدّم قريبًا، و"جرير" هو: ابن عبد الحميد.

وقوله: (وَلَا يَقُلِ الْعَبْدُ: رَبِّي، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: سَيِّدِي)، قال


(١) "شرح مسلم" ١٥/ ٦ - ٧.
(٢) وفي نسخة: "ولا يقول العبد".