للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جسيمتين، فبعثوا إنسانًا يتبعهم، فعرف الطويلتين، ولم يعرف صاحبة الرجلين من خشب" (١).

وقوله: (وَهُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ) جملة حاليةٌ؛ أي: والحال أن المسك أحسن أنواع الطيب، وأفضلها، وأشرفها فهو أفخر أنواعه، وسيّدها.

[تنبيه]: قال الفيّوميّ - رحمه الله -: المِسْكُ: طِيب معروف، وهو مُعَرَّب، والعرب تسميه المشموم، وهو عندهم أفضل الطيب، ولهذا ورد: "لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ عِنْدَ اللهِ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ المِسْكِ" ترغيبًا في إبقاء أثر الصوم، قال الفراء: المِسْكُ مُذَكّر، وقال غيره: يُذَكَّر، ويؤنّث، فيقال: هو المِسْكُ، وهي المِسْكُ، وأنشد أبو عبيدة على التأنيث قول الشاعر [من الرجز]:

وَالمِسْكُ وَالعَنْبَرُ خَيْرُ طِيبٍ … أُخِذَتَا بِالثَّمَنِ الرَّغِيبِ

وقال السجستانيّ: من أنّث المِسْكَ جعله جمعًا، فيكون تأنيثه بمنزلة تأنيث الذهب، والعسل، قال: وواحدته مِسْكَةٌ، مثلُ ذهب وذهبة، قال ابن السكيت: وأصله مِسِكٌ بكسرتين، قال رؤبة [من الرجز]:

إِنْ تُشْفَ نَفْسِي مِنْ ذُبَابَاتِ الحَسَكِ … أَحْرِ بِهَا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ المِسِكْ

وهكذا رواه ثعلب عن ابن الأعرابيّ، وقال ابن الأنباريّ: قال السجستانيّ: أصله السكون، والكسر في البيت اضطرار؛ لإقامة الوزن، وكان الأصمعيّ يُنشد البيت بفتح السين، ويقول: هو جمع مِسْكَةٍ، مثل خِرْقة وخِرَق، وقِرْبة وقِرَب، ويؤيد قول السجستانيّ أنه لا يوجد فِعِل بكسرتين إلا إِبِلٌ، وما ذُكر معه، فتكون الكسرة لإقامة الوزن، كما قال [من الرجز]:

عَلَّمَنَا إِخْوَانُنَا بَنُو عِجْلٍ … شُرْبَ النَّبِيذِ وَاعْتِقَالًا بِالرِّجِلْ

والأصل هنا السكون باتفاق، أو تكون الكسرة حركة الكاف، نُقِلت إلى السين؛ لأجل الوقف، وذلك سائغ. انتهى (٢).

وقال الحافظ - رحمه الله -: "المسك" بكسر الميم: الطيب المعروف، قال الجاحظ: هو من دُوَيّبة تكون في الصين تُصاد لنوافجها، وسُرَرها، فإذا صيدت


(١) "كتاب التوحيد" لابن خزيمة ص ٢٠٨.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٧٣.