للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شُدّت بعصائب، وهي مدلية يَجتمع فيها دمها، فإذا ذُبحت قُوِّرت السُّرّة التي عُصِبت، ودُفنت في الشعر، حتى يستحيل ذلك الدم المختنق الجامد مسكًا ذَكِيًّا بعد أن كان لا يُرام من النتن، ومن ثم قال القفال: إنها تندبغ بما فيها من المسك، فتطهر كما يطهر غيرها من المدبوغات، والمشهور أن غزال المسك كالظبي، لكن لونه أسود، وله نابان لطيفان أبيضان، في فَكّه الأسفل، وأن المسك دم يجتمع في سُرّته في وقت معلوم من السنة، فإذا اجتمع وَرِم الموضع، فمَرِض الغزال، إلى أن يَسقُط منه، ويقال: إن أهل تلك البلاد يجعلون لها أوتادًا في البريّة تحتكّ بها ليسقط.

ونقل ابن الصلاح في "مشكل الوسيط" أن النافجة في جوف الظبية، كالأنفحة في جوف الجدي، وعن عليّ بن مهديّ الطبريّ الشافعيّ أنها تُلقيها من جوفها، كما تُلقي الدجاجةُ البيضةَ.

ويمكن الجمع بأنها تُلقيها من سُرّتها، فتتعلق بها إلى أن تحتكّ. انتهى (١).

(فَمَرَّتْ) تلك المرأة (بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ) اللتين هي معهما (فَلَمْ يَعْرِفُوهَا)؛ أي: لم يعرفها الناس، الناس الذين يعرفونها أوّلًا بسبب طولها باتّخاذ الرجل من الخشب. (فَقَالَتْ)؛ أي: أشارت، ففيه استعمال القول للفعل، وقال ابن الأثير - رحمه الله -: العرب تَجْعل القَول عبارةً عن جميع الأفعال، وتُطْلِقه على غير الكلام واللسان، فتقول: قال بيدِه؛ أي: أخَذَ، وقال بِرجْله؛ أي: مَشَى، قال الشاعر [من الطويل]:

وَقَالَتْ لَهُ الْعَيْنَانِ سَمْعًا وطاعةً … وحَدَّرَتَا كالدُّرِّ لمّا يُثَقَّبِ

أي: أوْمَأتْ، وقال بالماء على يَدِه؛ أي: قَلَب، وقال بثَوْبه؛ أي: رَفَعه، وكلُّ ذلك على المجاز والاتِّساع، قال: ويقال: قال، بمعنى أَقبَل، وبمعنى مَال، واسْتَراح، وضَرَب، وغَلَب، وغير ذلك، قال: وقد تكرر ذِكر القول بهذه المعاني في الحديث. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: قد نظمت معاني "قال" المذكورة بقولي:


(١) "الفتح" ١٢/ ٥١٨، كتاب "الذبائح" رقم (٥٥٣٣).