للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من صدق الرؤيا، وما جاء في الحديث الآخر من رؤية الضوء، وسماعِ الصوت، وسلامِ الحجر والشجر عليه بالنبوّة حتى استشعر عظيم ما يُراد به، واستعدَّ لما ينتظره، فلم يأتِه الملك إلا بأمر عنده مقدَّماته، وبِشاراته. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: أراد بقوله: ما جاء في الحديث الآخر … إلخ ما أخرجه المصنّف رحمه الله في "كتاب الفضائل" (٢٣٥٣) عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة خمس عشرة سنة يَسمَع الصوت، ويَرَى الضوءَ سبع سنين، ولا يَرَى شيئًا، وثمان سنين يوحى إليه، وأقام بالمدينة عشرًا".

وما أخرجه أيضًا فيه (٢٢٧٧) عن جابر بن سمرة - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأعرف حجرًا بمكة، كان يُسَلِّم عليّ قبل أن أُبْعَثَ، إني لأعرفه الآن".

وما أخرجه الحاكم في "المستدرك" (٢/ ٦٢٠) عن عليّ - رضي الله عنه -: "كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة، فخرج في بعض نواحيها، فما استقبله شجر، ولا جبل إلا قال: السلام عليك يا رسول الله قال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، ووافقه الذهبيّ، والله تعالى أعلم.

وقوله: (فِي النَّوْمِ) لزيادة الإيضاح، أو ليُخْرِج رؤيا العين في اليقظة؛ لجواز إطلاقها مجازًا (فَكَانَ) - صلى الله عليه وسلم - (لَا يَرَى رُؤْيَا) بوزن فُعْلى بضمّ، فسكون مقصورًا ممنوعٌ من الصرف؛ لألف التأنيث، قال المجد رحمه الله: "الرؤيا": ما رأيته في منامك، جمعه رُؤًى، كَهُدًى. انتهى (٢). وقال العينيّ رحمه الله: "الرؤيا" على وزن فُعْلى، كحُبْلَى، يقال: رأى رؤيا بلا تنوين، وجمعها رُؤًى بالتنوين على وزن دُعًى. انتهى (٣). (إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ) بنصب "مِثْلَ" على الحال؛ أي: مُشْبِهَةً ضِيَاءَ الصبح، أو على أنه صفة لمحذوف؛ أي: جاءت مجيئًا مثل فلق الصبح، والمراد بفلق الصبح ضياؤه، وخُصَّ بالتشبيه؛ لظهوره الواضح الذي لا شك فيه.

وقال النوويّ رحمه الله: قال أهل اللغة: فَلَقُ الصبح، وفَرَقُ الصبح - بفتح


(١) "إكمال المعلم" ١/ ٦١٩ - ٦٢٠.
(٢) "القاموس المحيط " ص ١١٥٧.
(٣) "عمدة القاري" ١/ ٩١.