للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفاء واللام والراء -: هو ضياؤه، وإنما يقال هذا في الشيء الواضح البَيِّن. انتهى (١).

وقال القاضي البيضاويّ رحمه الله: شُبّه ما جاءه في اليقظة، ووَجَده في الخارج طِبْقًا لما رآه في المنام بالصبح في إنارته ووضوحه، والفَلَق: الصبح، لكنه لَمّا كان مستعمَلًا في هذا المعنى، وفي غيره أُضيف إليه للتخصيص والبيان إضافةَ العامّ إلى الخاصّ، كقولهم: عين الشيء، ونفسه.

قال الطيبيّ رحمه الله: للفلق شأن عظيمٌ، ولذلك جاء وصفًا لله تعالى في قوله سبحانه وتعالى: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ} [الأنعام: ٩٦]، وأَمَرَ بالاستعاذة بربّ الفلق؛ لأنه يُنبئ عن انشقاق ظلمة عالم الشهادة، وطلوع تباشير الصبح بظهور سلطان الشمس، وإشراقها الآفاقَ، كما أن الرؤيا الصالحة مبشّرات تنبئ عن وفود أنوار عالم الغيب، وآثار مطالع الهدايات، شُبّه به الرؤيا التي هي جزء يسير من أجزاء النبوّة، وتنبيهٌ من تنبيهاتها لمشتركي العقول على ثبوت النبؤة؛ لأن النبيّ إنما سُمّي نبيًّا لأنه يُنبئ عن عالم الغيب الذي لا تستقلّ العقول بإدراكه. انتهى كلام الطيبيّ رحمه الله (٢).

وقال ابن أبي جمرة رحمه الله: إنما شَبّهها بفَلَق الصبح دون غيره؛ لأن شمس النبوة كانت الرؤيا مبادي أنوارها، فما زال ذلك النور يَتَّسِع حتى أشرقت الشمس، فَمَن كان باطنه نوريًّا كان في التصديق بَكْريًّا؛ كأبي بكر، ومن كان باطنه مظلمًا، كان في التكذيب خُفّاشًا؛ كأبي جهل، وبقية الناس بين هاتين المنزلتين، كل منهم بقدر ما أُعطي من النور. انتهى (٣).

(ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ) ببناء الفعل للمجهول؛ لعدم تَحَقُّق الباعث على ذلك، وإن كان كل من عند الله، أو للتنبيه على أنه لم يكن من باعث البشر، أو يكون ذلك من وحي الإلهام.


(١) "شرح النوويّ" ٢/ ١٩٧.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ١٢/ ٣٧١٤ - ٣٧١٥.
(٣) راجع: "الفتح" ١٢/ ٣٧١ "كتاب التعبير".