للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثلاثة مواضع: يفتحون الحاء، وهي مكسورة، ويكسرون الراء، وهي مفتوحة، ويقصرون الألف، وهي ممدودة.

وحِراءٌ: جبلٌ بينه وبين مكة نحوُ ثلاثة أميال، عن يسار الذاهب من مكة إلى منى. انتهى (١).

قال ابن أبي جمرة رحمه الله: الحكمة في تخصيصه حراء بالتخلي فيه أن المقيم فيه كان يمكنه رؤية الكعبة، فيجتمع لمن يخلو فيه ثلاثة عبادات: الخلوة، والتعبد، والنظر إلى البيت.

وقال الحافظ: وكأنه مما بقي عندهم من أمور الشرع على سنن الاعتكاف، وكانت قريش تفعله كما كانت تصوم عاشوراء، قال: وإنما لم ينازعوا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في غار حراء مع مزيد الفضل فيه على غيره؛ لأن جدّه عبد المطلب أول من كان يخلو فيه من قريش، وكانوا يعظمونه لجلالته، وكِبَرِ سِنِّه، فتبعه على ذلك مَن كان يَتَأَلَّه، فكان - صلى الله عليه وسلم - يخلو بمكان جدّه، وسَلّم له ذلك أعمامه؛ لكرامته عليهم. انتهى (٢).

(يَتَحَنَّثُ فِيهِ) هي بمعنى يَتَحَنَّف؛ أي: يتبع الحَنِيفية، وهي دين إبراهيم، والفاء تبدل ثاء في كثير من كلامهم، وقد وقع في رواية ابن هشام في "السيرة" "يَتَحَنَّفُ" بالفاء، أو التحنث: إلقاء الحِنْث، وهو الإثم، كما قيل: يَتَأَثَّم، وَيتَحَرَّج، ونحوهما، قاله في "الفتح" (٣).

وقال النوويّ رحمه الله: وأما التَّحَنُّث بالحاء المهملة والنون والثاء المثلّثة، فقد فَسَّره بالتعبد، وهو تفسير صحيح، وأصل الحِنْث الإثم، فمعنى يتحَنَّث: يتجنَّب الحنثَ، فكأنه بعبادته يَمنَع نفسه من الحنث، ومثل يتحنث يتحرَّج، ويتأثَّم؛ أي: يتجنب الحرج والإثم. انتهى (٤).

وقوله: (وَهُوَ التَّعَبُّدُ) مُدْرَج في الخبر، وهو من تفسير الزهريّ رحمه الله، كما


(١) "إكمال المعلم" ١/ ٦٢١ - ٦٢٢، و"شرح النوويّ" ٢/ ١٩٨.
(٢) "الفتح" ١٢/ ٣٧١ - ٣٧٢.
(٣) "الفتح" ١/ ٣١.
(٤) "شرح النوويّ" ٢/ ١٩٨.