للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قِبَل حراء، فذكر قصة إقرائه {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: ١]، ورَأَى حينئذ جبريل له جناحان من ياقوت، يختطفان البصر، وهذا من رواية ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود، وابنُ لهيعة ضعيف.

وقد ثبتٌ في "صحيح مسلم" من وجه آخر عن عائشة، مرفوعًا: "لم أَرَهُ - يعني جبريل - على صورته التي خُلِق عليها إلا مرتين".

وبَيَّن أحمد في حديث ابن مسعود أن الأولى كانت عند سؤاله إياه أن يُرِيه صورته التي خُلق عليها، والثانية عند المعراج.

وللترمذي من طريق مسروق، عن عائشة: "لم يَرَ محمدٌ جبريلَ في صورته إلا مرتين: مرّةً عند سدرة المنتهى، ومرةً في أجياد"، وهذا يُقَوِّي رواية ابن لهيعة، وتكون هذه المرّة غير المرتين المذكورتين، وإنما لم يضمها إليهما لاحتمال أن لا يكون رآه فيها على تمام صورته، والعلم عند الله.

ووقع في السيرة التي جمعها سليمان التيميّ، فرواها محمد بن عبد الأعلى، عن ولده معتمر بن سليمان، عن أبيه، أن جبريل أتى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في حراء، وأقرأه {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، ثم انصرف، فبَقِيَ متردِّدًا، فأتاه من أمامه في صورته، فرأى أمرًا عظيمًا. انتهي

وقوله: (وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ) جملة في محلّ نصب على الحال من المفعول؛ أي: حال كون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كائنًا في كهف جبل حراء.

(فَجَاءَهُ الْمَلَكُ) هذه الفاء تُسَمَّى التفسيرية، وليست التعقيبية؛ لأن مجيء الملك ليس بعد مجيء الوحي، حتى تُعَقِّب به، بل هو نفسه، ولا يلزم من هذا التقرير أن يكون من باب تفسير الشيء بنفسه، بل التفسير عين المفسَّر به من جهة الإجمال، وغيرُهُ من جهة التفصيل، قاله في "الفتح" في "كتاب الإيمان".

وقال في "كتاب التعبير" - بعد ذكر هذا -: وقال شيخنا البلقينيّ: يحتمل أن تكون للتعقيب، والمعنى بمجيء الحقّ انكشاف الحال عن أمر وَقَع في القلب، فجاءه لذلك عقبه، قال: ويحتمل أن تكون سببية؛ أي: حتى قَضَى بمجيء الوحي، فبسبب ذلك جاءه الملك. قال الحافظ: وهذا أقرب من الذي قبله.

[تنبيه]: وقع في رواية البخاريّ في "كتاب التعبير" بلفظ: "فجاءه الملك