فيه"، فزاد لفظة "فيه"، قال في "الفتح": يؤخذ منه رفع توهم مَن يظن أن الملك لم يدخل إليه الغارَ، بل كلَّمه، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - داخل الغار، والملك على الباب.
قال شيخنا البلقينيّ رحمه الله: الملك المذكور هو جبريل عليه السلام، كما وقع شاهده في كلام ورقة، وكما يجيء في حديث جابر - رضي الله عنه - أنه الذي جاءه بحراء، قال: واللام في "الملك" لتعريف الماهية، لا للعهد، إلا أن يكون المراد به ما عَهِدَه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قبل ذلك لَمّا كلمه في صباه، أو اللفظ لعائشة - رضي الله عنها -، وقَصَدت به ما تَعَهَّده مَن تخاطبه به. انتهى.
وقال الإسماعيليّ رحمه الله: هي عبارة عما عُرِف بعدُ أنه ملك، وإنما الذي في الأصل: فجاءه جَاء، وكان ذلك الجائي ملكًا، فأخبر - صلى الله عليه وسلم - عنه يوم أخبر بحقيقة جنسه، وكأن الحامل على ذلك أنه لم يتقدم له معرفة به. انتهى.
قال الحافظ رحمه الله: وقد جاء التصريح بأنه جبريل عليه السلام، فأخرج أبو داود الطيالسيّ في "مسنده" من طريق أبي عِمْران الجَوْنيّ، عن رجل، عن عائشة - رضي الله عنها -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتكف، هو وخديجة - رضي الله عنها -، فوافق ذلك رمضان، فخرج يومًا، فسَمِع: السلام عليكم، قال: فظننت أنه من الجنّ، فقال: أبشروا، فإن السلام خير، ثم رأى يومًا آخر جبريل على الشمس، له جناح بالمشرق، وجناح بالمغرب، قال: فَهِبتُ منه … " الحديث، وفيه أنه جاءه، فكلَّمه، حتى أَنِسَ به.
وظاهره أن جميع ما وقع له كان، وهو في الغار، لكن وقع في مرسل عُبيد بن عمير: "فأجلسني على دُرْنوك فيه الياقوت واللؤلؤ"، وهو بضم الدال والنون، بينهما راء ساكنة: نوع من البُسُط، له خَمْل.
وفي مرسل الزهريّ: "فأجلسني على مَجْلِسٍ كريم، مُعْجِبٍ".
وأفاد البلقينيّ أن سِنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حين جاءه جبريل في حراء كان أربعين سنة، على المشهور، ثم حكى أقولًا أخرى، قيل: أربعين ويومًا، وقيل: عشرة أيام، وقيل: شهرين، وقيل: وسنتين، وقيل: وثلاثًا، وقيل: وخمسًا، قال: وكان ذلك يوم الاثنين نهارًا، قال: واختُلِف في الشهر، فقيل: شهر رمضان، في سابع عشره، وقيل: سابعه، وقيل: رابع عشريه.