مقولًا لابن سيرين، واسم "كان" ضمير أبي هريرة، أو النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وقد أخرجه مسلم من وجه آخر عن ابن سيرين، وقال في آخره:"لا أدري هو في الحديث، أو قاله ابن سيرين؟ ".
قوله:"ورواه قتادة، ويونس، وهشام، وأبو هلال، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-"؛ يعني: أصل الحديث، وأما من قوله:"وكان يقال" فمنهم من رواه بتمامه مرفوعًا، ومنهم من اقتصر على بعضه، كما سيأتي.
قوله:"وأدرجه بعضهم كله في الحديث"؛ يعني: جعله كله مرفوعًا، والمراد به رواية هشام، عن قتادة، كما سيأتي.
قوله:"وحديث عوف أبين"؛ أي: حيث فَصَلَ المرفوع من الموقوف، ولا سيما تصريحه بقول ابن سيرين:"وأنا أقول هذه"، فإنه دالّ على الاختصاص (١)، بخلاف ما قال فيه:"وكان يقال"، فإن فيها الاحتمال بخلاف أول الحديث، فإنه صَرَّح برفعه، وقد اقتصر بعض الرواة عن عوف على بعض ما ذكره معتمر بن سليمان عنه، كما بُيّن من رواية هَوْذة، وعيسى بن يونس.
قال القرطبيّ: ظاهر السياق أن الجميع من قول النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- غير أن أيوب هو الذي روى هذا الحديث عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، وقد أخبر عن نفسه أنه شكّ أهو من قول النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، أو من قول أبي هريرة؟ فلا يُعَوَّل على ذلك الظاهر.
قال الحافظ: وهو حصر مردودٌ، وكأنه تكلم عليه بالنسبة لرواية مسلم خاصّةً، فإن مسلمًا ما أخرج طريق عوف هذه، ولكنه أخرج طريق قتادة، عن محمد بن سيرين، فلا يلزم من كون أيوب شكّ أن لا يُعَوَّل على رواية من لَمْ يشكّ، وهو قتادة مثلًا، لكن لمّا كان في الرواية المفصّلة زيادةٌ، فَرُجّحت.
قوله:"وقال يونس: لا أحسبه إلَّا عن النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في القيد"؛ يعني: أنه شكّ في رفعه.
قوله:"قال أبو عبد الله" هو البخاريّ، وقوله:"لا تكون الأغلال إلَّا في الأعناق"؛ كأنه يشير إلى الردّ على من قال: قد يكون الغُلّ في غير العنق؛
(١) هكذا نسخة "الفتح"، ولعله: "على التنصيص"، فليُتأمّل، والله تعالى أعلم.