للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكمالاتهم متفاضلة كما قرَّرناه، فنسبة أجزاء منامات الصَّادقين متفاوتة على ما فصَّلناه. وبهذا الذي أُظهر لنا يرتفع الاضطراب. وبالله تعالى التوفيق. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (١).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي الأَولى تفويض العلم في ذلك إلى العليم الخبير، كما أسلفته في كلام السيوطيّ رحمه الله، فلا يخفى ما في هذه الأقوال من التكلّفات والتعسّفات، ولنذكر ما كتبه الحافظ في "الفتح"، وإن كان كثير منه تقدّم، إلَّا عنده زيادات تحقيق، وتوضيح، قال رحمه الله:

قوله: "جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة" كذا وقع في أكثر الأحاديث، ولمسلم من حديث أبي هريرة: "جزء من خمسة وأربعين"، أخرجه من طريق أيوب، عن محمد بن سيرين عنه، وللبخاريّ من طريق عوف، عن محمد بلفظ: "ستة" كالجادة، ووقع عند مسلم أيضًا من حديث ابن عمر: "جزء من سبعين جزءًا"، وكذا أخرجه ابن أبي شيبة، عن ابن مسعود موقوفًا، وأخرجه الطبرانيّ من وجه آخر عنه مرفوعًا، وله من وجه آخر عنه: "جزءٌ من ستة وسبعين"، وسندها ضعيف، وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا، من رواية حُصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة موقوفًا كذلك، وأخرجه أحمد مرفوعًا، لكن أخرجه مسلم من رواية الأعمش، عن أبي صالح كالجادّة، ولابن ماجة مثل حديث ابن عمر مرفوعًا، وسنده لَيِّنٌ، وعند أحمد، والبزار عن ابن عباس بمثله، وسنده جيّد، وأخرج ابن عبد البرّ من طريق عبد العزيز بن المختار، عن ثابت، عن أنس مرفوعًا: "جزء من ستة وعشرين"، والمحفوظ من هذا الوجه كالجادّة، وهو للبخاري أيضًا، ومثله لمسلم من رواية شعبة، عن ثابت، وأخرج أحمد، وأبو يعلي، والطبريّ في "تهذيب الآثار"، من طريق الأعرج، عن سليمان بن عَرِيب -بمهملة، وزانُ عظيم- عن أبي هريرة كالجادّة، قال سليمان: فذكرته لابن عباس، فقال: "جزء من خمسين"، فقلت له: إني سمعت أبا هريرة، فقال ابن عباس: فإني سمعت العباس بن عبد المطلب يقول: سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يقول: "الرؤيا الصالحة من المؤمن جزء من خمسين


(١) "المفهم" ٦/ ١٢ - ١٨.