وجوه من الفوائد الدنيوية والآخروية خصوصًا وعمومًا، منها ما يُعلم، ومنها ما لا يُعلم، وليس بين النبوة والرؤيا نسبة إلَّا في كونها حقًّا، فيكون مقام النبوة بالنسبة لمقام الرؤيا بحسب تلك الأعداد راجعة إلى درجات الأنبياء، فنِسبتها من أعلاهم، وهو من ضَمّ له إلى النبوة الرسالة أكثر ما ورد من العدد، ويسبتها إلى الأنبياء غير المرسلين أقلّ ما ورد من العدد، وما بين ذلك، ومن ثَمَّ أطلق في الخبر النبوة، ولم يقيِّدها بنبوة نبيّ بعينه.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي ذكره ابن أبي جمرة من نوع التكلّفات السابقة، فتنبّه.
قال الحافظ: ورأيت في بعض الشروح أن معنى الحديث أن للمنام شَبَهًا بما حصل للنبيّ، وتميَّز به عن غيره بجزء من ستة وأربعين جزءًا.
قال: فهذه عدة مناسبات، لَمْ أر من جَمَعها في موضع واحد، فللَّه الحمد على ما ألهم، وعَلّم، ولم أقف في شيء من الأخبار على كون الإلهام جزءًا من أجزاء النبوة، مع أنه من أنواع الوحي، إلَّا أن ابن أبي جمرة تعرّض لشيء منه. انتهى كلام الحافظ رحمه الله (١).
قال الجامع عفا الله عنه: قد أسلفت لك أن هذه التأويلات، والمناسبات التي سبق ذِكرها في كلام الحافظ رحمه الله تكلّفات، وتخرّصات لا يليق الخوض فيها، ولا اتّباع الخائضين فيها، بل الصواب الذي نعتقده، ونرى أنه الحقّ: أن رؤيا المؤمن جزء من ستّة وأربعين جزءًا من النبوّة، ونَكِلُ علم حقيقة ذلك إلى عالم الغيب والشهادة، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال: