للصدّيق بطريق الكرامة، والإكرام، وإنما تحصل التفرقة بينهما باتباع الكتاب والسُّنَّة. انتهى.
والحاصل من الأجوبة ستة:
أحدها: أنه على التشبيه والتمثيل، ودلّ عليه قوله في الرواية الأخرى:"فكأنما رآني في اليقظة".
ثانيها: أن معناها سيرى في اليقظة تأويلها، بطريق الحقيقة، أو التعبير.
ثالثها: أنه خاصّ بأهل عصره، ممن آمن به قبل أن يراه.
رابعها: أنه يراه في المرآة التي كانت له، إن أمكنه ذلك، وهذا من أبعد المحامل.
خامسها: أنه يراه يوم القيامة بمزيد خصوصية، لا مطلق من يراه حينئذ، ممن لم يره في المنام.
سادسها: أنه يراه في الدنيا حقيقةً، ويخاطبه، وفيه ما تقدم من الإشكال. وقال القرطبي: قد تقرر أن الذي يُرى في المنام أمثلة للمرئيات، لا أنفسها، غير أن تلك الأمثلة تارةً تقع مطابقةً، وتارةً يقع معناها، فمن الأول رؤياه -صلى الله عليه وسلم- عائشة -رضي الله عنه-، وفيه:"فإذا هي أنتِ"، فأخبر أنه رأى في اليقظة ما رآه في نومه بعينه، ومن الثاني رؤيا البقر التي تُنحر، والمقصود بالثاني التنبيه على معاني تلك الأمور.
ومن فوائد رؤيته -صلى الله عليه وسلم- تسكين شوق الرائي؛ لكونه صادقًا في محبته؛ ليعمل على مشاهدته، وإلى ذلك الإشارة بقوله:"فسيراني في اليقظة"؛ أي: من رآني رؤية مُعَظِّم لحرمتي، ومشتاق إلى مشاهدتي، وصل إلى رؤية محبوبه، وظَفِر بكل مطلوبه، قال: ويجوز أن يكون مقصود تلك الرؤيا معنى صورته، وهو دينه، وشريعته، فيُعْبَر بحسب ما يراه الرائي من زيادة، ونقصان، أو إساءه، وإحسان.
قال الحافظ: وهذا جواب سابع، والذي قبله لم يظهر لي، فإن ظهر فهو ثامن.
قال: وقال المازريّ: اختَلَف المحققون في تأويل هذا الحديث، فذهب القاضي أبو بكر بن الطيب إلى أن المراد بقوله: "من رآني في المنام، فقد