للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمد بن مسلم الزهريّ أنه قال: (حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوف (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ رَآنِي في الْمَنَامِ)؛ أي: في حال نومه، (فَسَيَرَانِي في الْيَقَظَةِ) -بفتح القاف- أي: يوم القيامة رؤيةً خاصّةً في القرب منه، أو من رآني في المنام، ولم يكن هاجر يوفقه الله للهجرة إليّ، والتشرّف بلقائي، ويكون الله تعالى جعل رؤيته في المنام عَلَمًا على رؤياه في اليقظة، وعلى القول الأول ففيه بشارة لرائيه -صلى الله عليه وسلم- بأنه يموت على الإسلام، وكفى بها بشارةً، وذلك لأنه لا يراه في القيامة تلك الرؤية الخاصّة باعتبار القُرب منه، إلا من تحققت منه الوفاة على الإسلام، كذا قال القسطلّانيّ (١).

(أَوْ) للشكّ من الراوي، (لَكَأَنَّمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَةِ) قال في "مرقاة الصعود": هذا شك من الراوي، ومعناه غير الأول؛ لأنه تشبيه، وهو صحيحٌ؛ لأن ما رآه في المنام مثاليّ، وما يُرى في عالم الحسّ حسّيّ، فهو تشبيه خياليّ. انتهى.

وقال في "الفتح": هو تشبيه، ومعناه أنه لو رآه في اليقظة لطابق ما رآه في المنام، فيكون الأول حقًّا وحقيقةً، والثاني حقًّا وتمثيلًا.

وقيل: معنى قوله: "فسيراني في اليقظة" يريد تصديق تلك الرؤيا في اليقظة، وصحتها، وخروجها على الحقّ، وليس المراد أنه يراه في الآخرة؛ لأنه سيراه يوم القيامة في اليقظة جميع أمته، من رآه في النوم، ومن لم يره منهم.

وقيل: المراد من آمن به في حياته، ولم يره؛ لكونه حينئذ غائبًا عنه، فيكون بهذا مبشِّرًا لكل من آمن به، ولم يره أنه لا بدّ أن يراه في اليقظة قبل موته، قاله القزاز.

وقال المازريّ (٢): إن كان المحفوظ: "فكأنما رآني في اليقظة"، فمعناه


(١) "عون المعبود" ١٣/ ٢٤٩.
(٢) "المعلم" ٣/ ١١٩.