للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مأمور بقراءتها في ابتداء كلّ قراءة، فيكون مأمورًا بقراءتها في ابتداء هذه السورة أيضًا. انتهى (١).

وقوله: {الَّذِي خَلَقَ} وصفٌ مناسب مشعر بعليّة الحكم بالقراءة، والإطلاق في {خُلِقَ} أوّلًا على منوال يُعطي ويمنع، وجُعل توطئةً لقوله: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ} إيذانًا بأن الإنسان أشرف أنواع المخلوقات، ثم الامتنان عليه بقوله: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)} يدلّ على أن العلم أجلّ النعم، وأكثرها فائدة. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قوله: {بِاسْمِ رَبِّكَ} استَدَلَّ به السهيليّ على أن البسملة يؤمر بقراءتها أولَ كل سورة، لكن لا يلزم من ذلك أن تكون آيةً من كل سورة، كذا قال، وقرّره الطيبيّ، فقال: قوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} قَدَّم الفعل الذي هو متعلق الباء، لكون الأمر بالقراءة أهمّ، وقوله: {اقْرَأْ} أمرٌ بإيجاد القراءة مطلقًا، وقوله: {بِاسْمِ رَبِّكَ} حال؛ أي: اقرأ مفتتحًا باسم ربك، وأصح تقاديره: قل: باسم الله، ثم اقرأ، قال: فيؤخذ منه أن البسملة مأمور بها في ابتداء كل قراءة. انتهى.

لكن لا يلزم من ذلك أن تكون مأمورًا بها، فلا تدل على أنها آية من كل سورة، وهو كما قال، لأنها لو كان للزم أن تكون آية قبل كل آية، وليس كذلك.

وأما ما ذكره القاضي عياض، عن أبي الحسن ابن القَصّار من المالكية، أنه قال: في هذه القصة ردّ على الشافعيّ في قوله: إن البسملة آية من كل سورة، قال: لأن هذه أول سورة أنزلت، وليس في أولها البسملة.

فقد تُعُقِّب بأن فيها الأمر بها، وإن تأخر نزولها.

وقال النوويّ: ترتيب آي السور في النزول، لم يكن شرطًا، وقد كانت الآية تَنْزِل، فتوضع في مكان قبل التي نزلت قبلها، ثم تَنزِل الأخرى، فتوضع قبلها إلى أن استقرّ الأمر في آخر عهده - صلى الله عليه وسلم - على هذا الترتيب.

ولو صحّ ما أخرجه الطبريّ من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن جبريل عليه السلام


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ١٢/ ٣٧١٨.
(٢) المرجع السابق.