للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالاستعاذة والبسملة قبل قوله: {اقْرَأْ} لكان أولى في الاحتجاج به، لكن في إسناده ضعف وانقطاع، وكذا حديث أبي ميسرة: "أنّ أول ما أِمر به جبريل قال له: قل: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} [الفاتحة: ١، ٢]، هو مرسل، وإن كان رجاله ثقات، والمحفوظ أن أول ما نزَل {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، وأن نزول الفاتحة كان بعد ذلك. انتهى (١).

(فَرَجَعَ بِهَا) أي: رجع - صلى الله عليه وسلم - حال كونه مصاحبًا للآيات (٢)، التي هي قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)} [العلق: ١] إلى آخر الآيات الخمس (رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ) بضم الجيم، يقال: رَجَفَ الشيءُ رَجْفًا، من باب نصر، ورَجِيفًا، ورَجَفَانًا بالتحريك: إذا تحرّك، واضطرب، ورَجَفَت الأرض كذلك، ورَجَفَت يده: ارتَعَشَت من مَرَضٍ، أو كِبَرٍ، ورَجَفته الحُمَّى: أرعدته، فهو راجفٌ على غير قياس، وأرجف القوم في الشيء، وبه إرجافًا: أكثروا من الأخبار السيّئة، واختلاق الأقوال الكاذبة حتى يضطرب الناس منها، وعليه قوله تعالى: {وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ} الآية [الأحزاب: ٦٠] (٣).

و"البوادر" - بفتح الباء الموحّدة -: جمع بادرة، قال أهل اللغة والغريب: هي اللحمة التي بين المنكب والعُنُق، تضطرب عند فزع الإنسان (٤).

ووقع في رواية عُقيل الآتية: "يَرْجُفُ فؤاده"؛ أي: قلبه (٥).


(١) "الفتح" ٨/ ٥٩٠ "تفسير سورة العلق".
(٢) وزاد في "الفتح": أو بالقصّة، وتعقّبه العينيّ بأنه لا وجه له، وهو كما قال؛ إذ هو تكلّف.
(٣) راجع: "المصباح المنير" ١/ ٢٢٠.
(٤) قال في "الفتح" ١٢/ ٣٧٥: وأما بوادره فالمراد بها اللحمة التي بين المنكب والعنق، جرت العادة بأنها تضطرب عند الفزع، وعلى ذلك جَرَى الجوهري أن اللحمة المذكورة سُمِّيت بلفظ الجمع، وتعقّبه ابن بَرِّيٍّ، فقال: البوادر جمع بادرة، وهي ما بين المنكب والعنق، يعني: أنه لا يختص بعضو واحد، وهو جيدٌ، فيكون إسناد الرَّجَفان إلى القلب؛ لكونه محله، وإلى البوادر؛ لأنها مَظْهَره، وأما قول الداوديّ: البوادر والفؤاد واحد، فإن أراد أن مُفادهما واحد على ما قررناه، وإلا فهو مردود. انتهى.
(٥) قد تقدّم في شرح حديث: "أهل اليمن أرقّ قلوبًا" بيان الاختلاف في القلب والأفئدة، فراجعه تستفد.